للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد الله الحناطي من أصحابنا، فحكى في جواز التيمم بالذّريرةِ، والنُّورَةِ، والزَّرْنِيخِ، قولين: وكذا في الأَحْجَارِ المدفوقة، والقوارير المَسْحُوقَةِ، وأشباهها، وأما الرَّمْل، فقد حكى عن نصه في "القديم" و"الإملاء" جواز التيمم به، وعن "الأم"، المنع واختلفوا فيه على طريقين:

أحدهما: قال صاحب "التلخيص"، أنه على قولين:

أحدهما: المنع كالحِجَارَةِ المدفوقة (١).

والثَّاني: الجواز، لأنه من جِنْسِ التراب، وعلى طبعه.

والثانية: هي الصحيحة، أنه ليس فيه اختلاف قول، والنَّصَّان محمولان على حالتين إن كان خَشِنًا لا يرتفع منه غبار، لم يكف ضرب اليد عليه، وهو المراد بالمنع، وإن كان يرتفع منه غبار يَعْلَقُ باليد، يجوز التيمم به، فإن ذلك المرتفع غبار، وهو المراد بالجواز، وأما كون المتيمم به طاهراً، فلا بد منه فلا يجوز التَّيمم بالتراب النجس، كما لا يجوز الوضوء بالماء النَّجس، والتُّراب النجس هو الذي أصابه مائع نجس، أما إذا اختلط به جامد نجس كأجْزَاء الرَّوْثِ، فلا مؤثر في أجزائه بالنَّجَاسة، لكن لا يجوز التَّيمم به أيضاً، لأنه إذا استعمله كان الواصل إلى بعض أجزائه تُراباً، وإلى بعضها رَوْثاً، والنجس لا يطهر، ولو تيمَّم بتراب المقابر التي عم فيها النَّبش، وغلب اختلاطُ صَدِيدِ المَوْتَى به، ففي جوازه قولاً (٢) تقابل الأصل، والغالب والظاهر (٣) كما تقدم.

وإن ضرب يده على ظهر كلب عليه تراب، فإن عرف إلتصاقه به في حالة الجَفَافِ جاز، وإن عرف إلتصاقه به في حال الرُّطُوبَةِ، أو علم أنه أصابه عرق (٤)، فلا، وإن تردد فيه فعلى القولين (٥)، وأما كونه خالصاً، فيخرج عن المَشُوب بالزَّعْفَران، والدَّقيق، ونحوهما، فإن كان الخَلِيطُ كَثيراً، لم يَجُزِ التيمم به، بلا خلاف، فإن الخليط الكثير يسلب طهورية الماء، مع قوته، فأولى أن يسلب هاهنا، وإن كان قليلاً فوجهان عن أبي إسحاق، وصاحب "التقريب" أنه لا يضرّ، كما في الماء، إلحاقاً (٦) بالمعدوم، وقال الأكثرون أنه يسلب طهوريته كالكثير بخلاف الماء، فإنه لطيف (٧) لا يمنعه الخليط عن السَّيلاَنَ، فيزيل جزء الدقيق في صَوْبِ جريانه، ويجري على مَوْضِعِهِ، وليس للتّرَاب


(١) في المدفونة.
(٢) في ز: قولان.
(٣) في ز: والطاهر.
(٤) في ز: عرقه.
(٥) في اجتماع الأصل والظاهر، قال النووي: كذا قاله جماعة من أصحابنا، فيما إذا لم يعلم أنه على القولين وهو مشكل، وينبغي أن يقطع بجواز التيمم به عملاً بالأصل، وليس هنا ظاهر بعارضة -والله أعلم- انظر الروضة (١/ ٢٢٣).
(٦) في ز: للمعمور.
(٧) سقط في "ز".

<<  <  ج: ص:  >  >>