للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الذي أورده الأصحاب -رحمهم الله- من العراقيين المَنْع، كالمسافرة بالوديعة.

والثاني: -وهو الأصح- الجَواز؛ لأن المَصْلَحَةَ تقتضي ذلك، والولي مأمور بالنَّظَرِ بخلاف المودع، وإذا كان له أن يُسَافر كان له أن يبعثه على يَدِ أَمِينٍ (١).

ومنها: ليس لِغَيْرِ القاضِي إقراض مال الصبي إلا عند ضرورة نهب أو حريق وإذا أراد سفرًا، ويجوز لِلْقَاضِي الإقراض وإن لم يقرض شيءٌ من ذلك لكثرة أشْغَالِهِ، وسوى أبو عبد الله الحَنَّاطِيّ -رحمه الله- بَيْنَ القَاضِي وغيره، ولا يجوز إيداعه مع إمكان الإقراض في أصَحِّ الوجهين، فإن عجز عنه فله الإيداع، ويشترط فيمن يُودع عنده الأمانة، وفيمن يقرضه الأمانة واليسار جميعًا، فإذا أقرض فإن رأى أن يأخذ به رَهْنًا أخذه، وإلا تركه (٢)، والله أعلم.


(١) قال النووي: لو سافر به في البحر، لم يجز إن كان مخوفًا، وكذا إن كانت سلامته غالبة على المذهب، وبه قطع القاضي حسين، ونقله الامام عن معظم الأصحاب. وقيل: يجوز إن أوجبنا ركوبه للحج. الروضة ٣/ ٤٢٩.
(٢) قال النووي: يستحب للحاكم إذا حجر على السفيه، أن يشهد على حجره، وإن رأى أن ينادي عليه في البلد، نادى مناديه ليتجنب الناس معاملته. وحكى في "الحاوي" و"المستظهري" عن أبي علي بن أبي هريرة وجهًا، أنه يجب الاشهاد، وهو شاذ. وإذا كان للصبي أو السفيه كسب، أجبره الولي على الاكتساب ليرتفق به في النفقة وغيرها، حكاه في "البيان". ولو وجب للسفيه قصاص، فله أن يقتص ويعفو. فإن عفا على مال صح، ووجب دفع المال إلى وليه. وإن عفا مطلقًا، أو على غير مال، فإن قلنا: القتل يوجب أحد الأمرين، القصاص أو الدية، وجبت الدية؛ لأن عفوه عنها لا يصح، وإن قلنا يوجب القصاص فقط، سقط القصاص، ولا مال. وإذا مرض المحجور عليه لسفه مرضًا مخوفًا لم يتغير حكمه، وتصرفاته فيه كتصرفه في صحته. وحكى في "الحاوي" وجهًا، أنه يغلب عليه حجر المرض، فيصح عتقه من ثلثه، وهذا شاذ ضعيف. الروضة ٣/ ٤٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>