ليست مصالحة عن أموالهم على شَيْءٍ نأخُذُه، وإنما نُصَالِحُهُمْ ونأخذ منهم للكف عن دِمَائِهِمْ وأموالهم، وهذا قويم لكنه لا يخدش مخالفة اللَّفْظَيْنِ؛ لأن لفظ البَيْع لا يجري في أمثال تلك المصالحات وقوله:(فأنكر الشيخ أبو علي) هذا قد ذكره الشَّيْخُ على أحسن وجه، كما هو دأبه، لكنه ليس مبتدئًا بهذا الكَلاَم حتى ينسب إليه، بل الأئمة -رحمهم الله- ذَكَرُوه قَبْلَه، منهم الشيخ القَفَّالُ.
قوله:(وإلا امتنع باللفظين) يجوز إعلامه بالحاء؛ لأنّ عند أبي حنيفة يَجُوز الصُّلْح عن المجهول أرشًا كانَ أو غيره، وبه قال أحمد -رحمه الله-.
لنا: القياس على المُصَالَحِ عليه، فإنه لا بد وأن يكون معلومًا بالاتفاق.
وقوله:(وقيل إنه بلفظ الصُّلْح أيضًا لا يصح) أي: لا بد من لفظ الهبة؛ لأنه غير صحيح أصلًا.
قال الرَّافِعِيُّ: النوع الثاني: عن الدَّيْنِ، وله ضربان.
أحدهما: صُلْحُ المعاوضة: وهو الجَارِي على عَيْنِ الدَّينِ المُدَّعَى (١)، فينظر إن صَالَح على بعض أموال الرِّبَا على ما يوافقه في العِلَّة، فلا بد من قَبْضِ العِوَضِ في المَجْلِسِ، ولا يشترط تعيينه في نَفْسِ الصُّلْحِ على أصَحِّ الوجهين، وإن كانَ ديْنًا صَحَّ الصُّلْحُ في أصح الوجهين لكن يشترط التعيين في المَجْلِس، ولا يشترط القبض بعد التعيين في أصح الوَجْهَيْنِ، وكل هذا ذكرناه مُوَجَّهًا في البَيْعِ للدَّيْنِ مِمَّنْ عليه الدَّين.
وقوله في الكتاب:(فهو كبيع الدين) إشارةٌ إلى هذه الجملة.
والضرب الثاني: صُلْحُ الحَطِيطَةِ: وهو الجاري على بعض الدَّيْنِ المُدَّعَى، فهو
(١) أطلق الشيخ الدَّين ولا بد من تقييده بما يجوز الاعتياض عنه كالقرض وثمن المبيع ونحو ذلك بخلاف دين السلم وإبل الدية على الأصح.