للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لتمكن منه، فلأن يمكن من رفع بعضه كَانَ أولى (١).

والثاني: لا يمكن؛ لأَنَّ البَابَ يشعر بثبوت حق الاسْتِطْرَاق، فعساه يستدل به على الاستحقاق، ولو كان له فيها باب وأراد أن يفتح غيره نظر إن كان ما يفتحه أبعد من رأس السِّكَّة فلمن البّاب المفتوح بين رأس السكة ودَارِه المَنْع، وفيمن داره بين البَابِ ورأس السِّكَّة وَجْهَانِ، بناءً على كيفية الشِّرِكَة لما مر في الجناح، وإن كان ما يفتحه أقرب إلى رأس السكة، فإن سَدَّ الأَوَّل وَجَعَلَ مكانه البَابَ المفتوح فلا منع؛ لأنه ينقص حقه، وإن لم يسد فَعَلَى ما ذَكَرْنا فيما إذا كان المفتوح أَبْعَدَ من رأس السِّكَّة؛ لأنّ البَابَ الثَّانِي إذا انضم إلى الأول أورث زيادة زخمة النَّاس وروث الدواب في السِّكَّة فيتضررُون بِه، وفي "النهاية" ذكر طريقة أخرى جازمة بأنه لا مَنْعَ للذين يَقَع الباب المفتوح بين دارهم وَرَأْس السِّكَّةِ؛ لأن الفاتح لا يمر عليهم، وهَذا ينبغي أن يطرد فيما إذا كان المفتوح أبعد من رَأْسِ السِّكَّة (٢)، وتحويل المِيزَاب من موضع إلى موضع، كفتح بَابٍ وَسَدِّ بَابٍ.

ولو كانت له داران ينفذ باب إحْدَاهُما إلى الشَّارع، وباب الأخرى إلى سِكَّة مُنْسَدَّة، فأراد فتحَ بَابٍ من أَحَدَيْهِمَا إلى الأخرى هَلْ لِأَهْلِ السِّكَّة مَنْعُه؟ فيه وجهان:

أظهرهما: لا؛ لأن المرور مستحق له في السِّكَّة، ورفع الحائل بين الدَّارَيْنِ يصرف مَصارِف الملك فلا يمنع.

والثاني: نعم؛ لأنه يثبت للدَّارِ الملاصقة للشَّارعِ مَمَرًّا في السِّكَّة، ويزيد فيما استحقه من الانتفاع، ولو كان باب كل واحد من الدَّارَيْن في سكة غير نافذة وأراد فَتْحَ الباب مِنْ إحداهما إلى الأُخْرَى جرى الوجهان في ثبوت المنع لأهل السكتين، هكذا نقل الإمام.

واعلم أن موضع الوجهين ما إذا سد باب إحدى الدَّارَيْنِ، وفتح الباب بينهما لغرض الاستطراق، أما إذا قصد اتساع مِلْكه ونحوه فلا منع (٣)، وحيث منعنا من فتح


(١) قال النووي: قلّ من بيَّن الأصح من هذين الوجهين، ولهذا اقتصر الرافعي على نسبة التصحيح إلى الكرخي. وممن صححه، صاحب "البيان" والرافعي في "المحرر" وخالفهم الجرجاني، و"الشاشي"، فصححا المنع، وهو أفقه. ينظر الروضة ٣/ ٤٤٣.
(٢) قال النووي: جزم صاحب "الشامل"، بأنّه إذا فتح بابًا آخر أقرب إلى رأس السكة ولم يسد الأول، جاز، ولا منع أحد. وهذا وإن كان ظاهرًا، فما نقله الإمام أقوى. ولم يذكر الرافعي -فيما إذا كان المفتوح أبعد- حكم من بابه مقابل المفتوح، لا فوقه ولا تحته. وقد ذكر الإمام، أنه كمن هو أقرب إلى رأس السكة، ففيه الوجهان. ينظر الروضة ٣/ ٤٤٣.
(٣) قال النووي: هذه العبارة فاسدة، فإنها توهم اختصاص الخلاف، بما إذا سد باب إحداهما، وذلك خطأ، بل الصواب، جريان الوجهين إذا بقي البابان نافذين، وكل الأصحاب مصرحون به. قال أصحابنا: ولو أراد رفع الحائط بينهما وجعلهما دارًا واحدة، ويترك بابيهما على حالهما، جاز قطعًا. وممن نقل اتفاق الأصحاب على هذا، القاضي أبو الطيب في تعليقه. فالصواب أن يقال: =

<<  <  ج: ص:  >  >>