فطلب أحدهما قِسْمَتَها في كُلِّ الطُّولِ وَنصْفِ العَرْضِ.
فإن قلنا في الجدار: إن الطالب لِمِثْلِ هذه القسمة يجاب ويخصص كُلّ واحد بالشِّقّ الذي يليه من غير قرعه، فكذلك هاهنا وبه قال أَبُو الطَّيِّبِ بْنُ سَلَمَةَ.
وإن قلنا: لاَ يُجَاب، ثم فهاهنا وجهان بنوهما على المعنيين السَّابقين.
وإن قلنا بالأول لم يجب.
وإن قلنا: بالثاني، أجيب، وإن طلب قسمتها في نِصْفِ الطُّولِ وَكُلِّ العَرْضِ أُجيب، لفقد المعاني المذكورة في الجِدَار، وإذا بَنَى الجِدَار وأرد أن يكون عريضًا زاد فيه من عرض بيته، والله أعلم بالصواب.
إذا عرفت ذلك فاعلم قوله في الكتاب:(ولا يجبر على القسمة في كل الطُّول ونصف العرض) بالواو وكذا قوله: (وكذا في نصف الطول وكل العرض).
وأما قوله:(وإذا جرت بالتراضي أقرع في الصُّورة الأخيرة، والأولى التخصيص لكل وجه بِصَاحِبه في الصُّورة الأولى)، وفي الصورة الأخيرة القِسْمة في نِصْفِ الطُّولِ وَكُلِّ العَرْضِ، والأولى هي القسمة في كل الطُّولِ وَنصْفِ العَرْضِ، ولا يفهم من قوله:"والأولى" التخصيص بعينه على رأي ذِهَابًا إلى أن المراد من الأولى من خِلاَفٍ في المسألة، فإن أحدًا لم يذكر فيها خلافًا، بل أطلقوا الجواز لِلْقِسْمَةِ عند التراضي، والمعهود في القِسْمَة القُرْعَة، فإن ما أراد الإرشاد إلى أن الشريكين ينبغي أن يصيرا إلى التَّخْصِيص من غَيْرِ قُرْعَةٍ، فبيع كل واحد منهما ماله في الشق الذي يلي صَاحِبَه بما لصاحبه في الشِّقِّ الذي يليه تَحَرُّزًا عَنْ تَضْيِيعِ المالِ.
وأما قوله:(ولا مانع في الأساس من الإجبار على قسمته)، فالمراد من الأساس عرضة الجدار، وجوابه وَاضِح في القِسْمَةِ في نِصْفِ الطول وَكُلِّ العَرْضِ، وأما في الطُّولِ وَنصْفِ العَرْضِ، فالذي أجاب به أحد الوجهين، وفيه وجه آخر كما قَدَّمْنَا، والأصح عند العِرَاقيين وغيرهم ما أجاب به، والله أعلم.