أحدهما: أنه يُعَلَّم بعلامة، ويخط برسم.
والثاني: أنه يشق وينشر بالمَنَاشِيرِ، وينطبق على هذا الثَّانِي ما ذكره العراقيون: أنهما لو طَلَبَا من الحاكم القِسْمة بالنَّوْع الأول، لَمْ يُجِبْهُما إِلَى ذَلِك؛ لأن شَقَّ الجدار في الطول إتلاف لَهُ وتضييع، ولكنهما يباشران القِسْمة بأنفسهما، إن شاءا وهو كما لو هدماه واقتسما النقض.
وإن طلب أحدهما القسمة وامتنع الآخر نظر إن طلب النَّوع الأول من القِسْمة فظاهر المذهب أنه لا يُجابُ إِلَيْها، وذكر الإمام وطائفة أن له معنيين.
أحدهما: أنا لو أجبرناه لأقْرَعْنَا، والقرعة رُبَّمَا تغير الشِّقَّ الذي يلي دَارَ زَيْدٍ لِعَمْروٍ وبالعكس، فلا يتمكن واحد منهما من الانتفاع بما صار له.
والثاني: أنه لا يتأتى فيه فَصْلٌ محقق؛ لأن غايته رسم خَطَّيْنِ بين الشقين، ومع ذلك فإذا بني أحدهما على مَصَارٍ له، تعدى النقل والتحامل إلى الشق الآخر، وضعف الإمام المعنى الثَّاني بما مر أن هذه القسمة جائِزةٌ بالتراضي، وذلك يَدُلُّ على أن رَسْمَ الخَطِّ كَافٍ في القسمة والمفاضلة، وما ذكره توجيهًا واعتراضًا مبنى على الاكتفاء بالعلامة، وترك الشّق والقَطْع، وهو الأول من الوجهين المنقولين في حالة التَّرَاضِي، وعن صاحب "التقريب" وجه أنه يجاب الطَّالِب ويجبر الممتنع، لكن لا يقرع بل يخصص كل واحد بِمَا يليه.
وأما النوع الثَّانِي وهو قسمة نِصْف الطُّول في كُلِّ العرض فجائز بالتراضي أيضًا، وفي الإجبار عليه وجهان.
أما الذين اعتبروا الشق والقطع فإنهم وجهوا أحدهما بأن القطع يوجب إتلاف بعض الجدار، ولا إجبارَ مع الإضْرَارِ.
والثاني: أن الضَّرَرَ والنقصان في هذا النَّوْعِ هَيِّن، فأشبه قِسْمَةَ الثَّوْبِ الصَّفِيق.
وأما المكتفون بِرَسْمِ الخَطِّ والعلامة، فبنوهما على المعنيين السَّابقين.
إن قلنا: بالأول، جَرَى الإجْبَارُ؛ لأنّ كل واحد منهما يتأتى له الانتفاع بما يصير إليه.
وإن قلنا: بالثاني، فلا؛ لتعذر المفاضلة المحققة، والأشبه من الوجهين، كيف فرض التوجيه مع الإجبار، وهو الذي أورده في الكِتَاب.
هذا في قِسْمة الجِدَار نفسه.
أما: إذا انهدم، وظهرت العرصة أو كان بينهما عرصة جِدَار لم يبن عليها بعد،