للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إشْرَاعِ الجَنَاحِ؛ لأنه صلح على الهَوَاءِ المجرد.

قال الغزالي: وَإِنْ كَانَ مُشْتَرِكًا فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مَنْعُ صَاحِبِهِ مِنَ الانْتِفَاعِ دُونَ رِضَاهُ، فَلَوْ تَرَاضَيَا عَلَى القِسْمَةَ طُولاً أَوْ عَرْضًا جَازَ، وَلا يُجْبَرُ عَلَى القِسْمَةِ في كُلِّ الطُّولِ وَنِصْفِ العَرْضِ إذْ يَتَعَذَّرُ الانْتِفَاعُ بِوَضْعِ الجُذُوعِ، وَكَذا فِي نِصْفِ الطُّولِ (و) وَكُلِّ العَرْضِ، وَإِذَا جَرَتْ بِالتَّرَاضِي أَقْرَعَ فِي الصُّورَةِ الأَخِيرَةِ، والأَوْلَى التَّخْصِيصُ لِكُلِّ وَجْهٍ بِصَاحِبِهِ فِي الصُّورَةِ الأُولَى حَتَّى لا تَقْضِي القُرْعَةُ بِخِلاَفِهِ، وَلا مانِعَ (و) فِي الأَسَاسِ مِنَ الإِجْبَارِ عَلَى قِسْمَتِهِ.

قال الرَّافِعِيُّ: القسم الثاني: الجدار المشترك، والكلام في ثلاثة أمور يَشْتَمل الفصل على اثنين منها:

الأول: الانتفاع به، وليس لأحد الشَّرِيكين أن يتد فيه وتدًا، أو يفتح فيه كُوّة، أو يترب الكتاب بترابه دون إذن الشَّرِيكِ كَسَائِرِ الأملاك المُشْتَركة، لا يستقل أحد الشَّريكين بالانتفاع بها، ويستثنى من الانتفاعات ضربان:

أحدهما: لو أراد أحدهما -أعني الشريكين- وضع الجذوع عليه، ففي إجبار الآخر الخلاف المذكور في القِسْم الأَوَّلِ بطريق الأولى.

والثانية: ما لا يقع فيه المُضَايقة من الانتفاعات لِكُلِّ واحدٍ منهما الاستقلال بِهِ كالاستناد، وإسناد المتاع عَلَيْه، يجوز مثله في الجدارِ الخَالِصِ للجَارِ، وهو كالاستضاءة بسراج الغَيْرِ، والاستظلال بِجِدَارِ الغير، ولو منع أَحدهما الآخر من الاستناد فهل يمتنع؟ عن الأصحاب فيه ترددًا؛ لأنه عناد (١)، ومن الضَّربِ الثاني، ما إذا بني في ملكه جدارًا متصلاً للجدار المُشْتَرك، بحيث لا يقع ثقله عليه.

الثَّانِي: قسمته إما في كل الطُّول ونصف العرض، أو في نِصْفِ الطول وكل العرض، ولا يفهم من الطُّول ارتفاعه عن الأرض فذلك سُمْك، وإنما طول الجدار امتداده من زاوية البيت إلى الزَّاوية الأخرى مَثَلًا، والعَرْض البُعْدُ الثالث، فإذا كان طوله عشرة أذرع، والعرض ذراعًا فقسمته في كُلِّ الطول ونصف العَرْضِ هكذا؛ ليكون لكل واحدٍ نصف ذراع في طُولِ عَشرة وقسمته بالْعَكْسِ أن يجعل هكذا، ليصير لِكُلِّ واحدٍ خمسة أذرع في عَرْضٍ ذراع، وأي واحد من النوعين تراضيا عليه جَازَ، لكن كيف يُقَسَّم؟ نقل بعض شارحي "المختصر" فيه وجهين:


(١) قال النووي: أصحهما لا يمتنع. ينظر الروضة ٣/ ٤٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>