ويجري الخلاف فيما إذا طلب أحدهما اتخاذ سترة بين سطحيهما، هل يجبر الآخر على مُسَاعَدَتِه؟ (١).
التفريع: إن قلنا بالقديم وأصَرَّ الممتنع، أَنفق الحاكم عليه من ماله، فإن لم يكن له مَالٌ استقرض عليه، أو أذن للشَّرِيكِ في الإنفاق عليه من ماله، ليرجع على الممتنع إذا وُجِدَ لَهُ مَالٌ، فإن استقل به هَلْ لَهُ الرُّجُوعُ؟ أشار المزني فيه إلى قَوْلَيْنِ وعن الأصحاب فيه طُرُق.
أظهرها: وبه قال ابْنُ خَيْرَانَ وابْنُ الوَكِيلِ: القطع بعدم الرّجوع، وحمل نص الرجوع على ما إذا أنفق بالإذن.
والثاني: أن القول بِعَدَمِ الرجوع تفريعٌ على الجديد والقول بالرجوع تفريع على القديم الذي عليه نفرع، وبه قَال ابْنُ القَطَّانِ.
والثالث: أنا إن قلنا بالقديم رَجَعَ لا مَحَالَةَ.
وإن قلنا: بالجديد فقولان، ونقل الإمَامُ وجهًا فَارِقًا بين أن يمكنه عند البناء مراجعة الحَاكِم فلا يرجع، أو لا يمكنه فَيَرْجِع، وإلى هذا منعوه، ثم إذا أعاد الطَّالِبُ البِنَاءَ نظر إن أعاده بالآلة القَدِيمة فالجدار بينهما كما كان في السّفل في الصورة الأخرى، لصاحب السفل كما كان، وليس لصاحب العلو نقضه ولا منعه من الانتفاع بِمِلْكِهِ، وإن بناه بآله من عِنْدِهِ فالبناء له، ويتمكن من نَقْضِهِ، ولو قال الشَّرِيك: لا تنقض وأنا أغرم لك نِصفَ القِيمَةِ لم يجز له النقض؛ لأنا على هذا القول يجبر الممتنع على ابتداء العِمَارة، فلأن نجبره على الاستدامة كَانَ أَوْلَى.
وإن قلنا بالجديد فلو أراد الشَّرِيك المطالب الانفراد بالعِمارة نظر إن أراد عِمارَةَ الجِدَارِ بالنقض المُشْتَرك وأراد صاحب العُلُو إعادة السّفل بنقض صَاحِبِ السّفل أو بآلة مشتركة بينهما فللآخر منعه وإن أراد بناءه بآلة من عِنْدِه فله ذَلِك؛ ليصل إلى حَقِّه، كما لو سقطت جذوعه الموضوعة على الجِدَارِ المُشْتَرك ينفرد بإعادتها، ثم المعاد ملكه يَضَعْ عَلَيْهِ مَا شَاءَ، وينقضه إِذَا شَاء، فلو قال شريكه: لا تنقض الجدار لأغرم لك نصف القيمة، أو قال صَاحِب السّفل: لا تنقض لأغرم لك القيمة لم تلزمه إِجابته على هذا القول، كابتداء العِمَارَةِ، ولو قال صَاحِب السفل أنقض ما أعدته لأبنيه بآلة نَفْسِي، فإن كان قد طالبه بالبناء، فَلَمْ يجب لَمْ يجبِ الآن إلى ما يقوله، وإن لم يطالبه وقد بني علوه عليه فكذلك لاَ يُجَاب، ولكن له أن يتملك السفل بالقيمة، ذكره في "المهذب"،
(١) قال النووي: قال أصحابنا: ويجريان فيما لو كان بينهما دولاب وتشعث واحتاج إلى إصلاحه. ينظر الروضة ٣/ ٤٥٠ - ٤٥١.