للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن لم يَبْنِ عليه العلو بعد أجيب صاحِبُ السّفل، ومهما بني الثَّاني بآلة نفسه فله منع صاحبه من الانتفاع بالعلو بِفْتح كوة وغرز وَتَدٍ ونحوهما، وليس له منع صاحب السفل من السّكنى، فإن العَرْصَة مِلْكَه، وعن صاحب "التقريب" وجه في المنع من السكنى أيضًا، والمذهب الأول.

ولو أنفق على البئر والنهر فليس له مَنْع الشريك من سَقْي الزّرع والانتفاع بالماء، وله منعه من الانتفاع بالدُّولاَبِ، والبَكَرَة المحدثين، ولو كان للَممتنع على الجدار الذي انهدم جذوع وأراد إعادتها بعد ما بناه الطالب بآله نفسه، فعلى الثَّانِي تمكينه، أو نقض ما أَعَاده، يبنى معه الممتنع، ويعيد جُذُوعه والله أعلم.

بقي في الفصل صورتان:

إحداها: إذا بان أن الجِدارَ المشترك لو انفرد أحدهما بإعادته بالنقض المشترك يعود مشتركًا كما كان، فلو تعاونا على إعادته كان أولى أن يعود مشتركًا، فلو شرطَا مع التعاون زيادة لأحدهما لم يجز؛ لأنه شرط عوض من غير معوض، فإنهما متساويان في العَملِ وفي الجدار وعرصته، وعن صاحب "التقريب" وجه أنه يجوز ذلك لِتَراضيهما، حتى لو باع أحد شريكي الدَّارِ على السواء نصيبه من الدَّارِ بثلث الدَّارِ من نصيب صَاحِبه قال: يصح وتصير الدار بينهما أثلاثًا، واستبعد الإمام مَا ذَكَرَهُ، وقال: لو باع أحدهما نصفه بنصف صاحبه لم يقدر ذلك بيعًا، ولم تُرَتَّبْ عَلَيْهِ أحكام البَيْعِ، وهذه الصورة قد ذكرناها في البيع، وبينا أن الأظْهَر فيها الصِّحة، وقياسه صحة بيع أحدهما نصفه بالثُّلُثِ من نصف الآخر، ولا يلزم منه صِحّة الشرط فيما نحن فيه؛ لأنّ الموجودَ هو البناء بشرط الزِّيَادَةِ لأحدهما، ومجرد الشَّرْطِ والرضى بالتفاوت لا يغير كيفية الشَّركة القديمة، إلا أن البِنَاء بِالإِذْنِ والشرط يقام مقام البيع والإجارة للمسائل المذكورة على الإثر.

ولو انفرد أحد الشريكين بالبناء بالنقض المشترك بإذن صاحبه بشرط أن يكون له الثلثان جاز، والسدس الزائد يكون في مقابلة عَمَلِهِ في النِّصْفِ الآخر، هكذا أطلقوه، واستدرك الإمام، فقال: هذا مصور فيما إذا شرط له سدس النقض في الحَالِ، لتكون الأجرة عتيدة.

فأما إذا شرط السدس الزائد له بعد البِنَاء لم يَصِح، فإن الأعيان لا تؤجل.

ولك أن تزيد فتقول: التصوير وإن وقع فيما ذكره، وجب أن يكون الحُكْمُ فيه كالحكم فيما إذا شرط للمرضع جُزْءًا من الرقيق المرتضع في الحَالِ، ولقاطف الثمار جزءًا من الثِّمَارِ المقطوفةِ في الحالِ ونظائرهما؛ لأنّ عمله يقع على ما هو مشترك بينه وبين غيره، وسيأتي الكلام فيها في الإجارة.

<<  <  ج: ص:  >  >>