إحداهما: إذا تنازعَا جِدَاراً حَائِلاً بين ملكيهما، فله حالتان:
الأولى: أن يكون متصلاً ببناء أَحَدِهِمَا دون الآخر، إتصالاً لا يمكن إحداثه بعد بِنَائِه فيرجح جَانِبه؛ لأن اتصاله به أمارة ظاهرة على يده وتصرفه.
وصورته أن يدخل نصف لبنات من الجِدَار المتنازع فيه في جداره الخاص، ونصف من جداره الخَاص في المتنازع فيه، ويتبين ذلك في الزوايا، وكذلك إذا كان لأحدهما أزج لا يتصور إحداثه بعد تَمَامِ الجدار بأن أميل من مبدأ ارتفاعه عن الأرض قليلاً قليلاً، وإذا ترجح جانبه حلف، وحكم بالجدار له إلا أن تقوم بينة على خلافه، ولا يحصل الرّجحَان بأن يوجد الترصيف المذكور في مواضع معدودة من طرف الجدار؛ لإمكان إحداثه بعد بناء الجدار يَنْزع طوبةٍ وإدراج أخرى، ولو كان الجدار المتنازع فيه مبنياً على خشبة طرفها في ملك أحدهما وليس منها في ملك الثاني شيء فالخشبة لمن طرفها في ملكه، والجدار المبني عليها تحت يده ظاهراً، قال الإمام: وليس المسألة خالية عن الاحتمال.
والثانية: أن لا يكون متصلاً ببناء أحدهما خاصة، بل يكون متصلاً ببنائهما جميعاً، أو منفصلاً عنهما، فهو في أيديهما، فإن أقام أحدهما بينةً قُضِيَ لَهُ، وإلا حلف كُلُّ واحد منهما لِلآخَرِ، فإن حلفَا أو نكَلا جعل الجدار بينهما بظاهر اليَد، وإن حلف أحدهما ونكل الآخر قضى للحالف بالكل، وعلى أن يحلف كل واحد منهما على النصف الذي يسلم له، أو على الجميع لأنه ادعى الجميع، فيه وجهان:
أظهرهما الأول: وتكلم الشَّافعي -رضي الله عنه- في هذا الموضع في أمرين، عدهما بعضهم من أَسْبَابِ تَرْجْيحِ أَحَدِهِمَا، قال: "ولا نظر إلى من إليه الخوارج