منهم من قال: يشاركه أيضاً؛ لأن إيجاب الإرْثِ الشّيوعَ لاَ يختلف، ويحكى هذا عن أَبِي حنيفة ومالك -رضي الله عنهما- وقال الأكثرون: لا يشاركهم لأن الشركة إذا حصلت في يَدِ الوَرَثَةِ، صَارَ كُلُّ وَاحِدٍ منهم قابضاً لِحَقِّهِ، وانقطع حَقُّه عَنْهُ عَمَّا في يد الآخرين، ألا ترى أنه يجوز أن يطرأ الغصب على نَصِيب أَحَدِهِمَا خَاصَّة بأن تزال يده، فإن المَغْصُوبَ لا يكون مشتركاً بينهما، وإن ادعيا الاستحقاق بجهةٍ غير الإرث من شِرَاءٍ وغيره، إن لم يقولا: اشترينا معاً، أو اتهبنا معاً، لم يشارك المُكَذِّب المصدق، بل هو كما لو عين هذا جِهَة وهذا غَيْرَهَا، وإن قالا: اشترينا معاً، أو اتهبنا معاً وقبضنا فوجهان:
أظهرهما: وبه قال الشَّيْخُ أبُو حَامِدٍ وأصْحَابُه وتابعهم القَاضِي حسين: أن الحكم كما ذكرنا في الإِرْثِ.
والثاني: ويُحْكَى عَنْ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالطَّبَرِيِّ، وبه قال القَاضِي ابْنُ كِجٍّ والشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ أنه لا يشركه؛ لأن تعدد المُشْتَرِي يقتضي تعدد العَقْد، فهو كما لو ملكا بعقدين، ولو لم يتعرَضا لسبب الاستحقاق أصلاً فَلاَ شركة بِحَالٍ، نَصَّ عليه في "المختصر"، وحيث قلنا بالشركة في هذه الصورة فلو صالح المُصَدّق المُدَّعَى عَلَيْهِ عن المقر به على مَالٍ نظر إن صالح بإذن الشَّرِيكِ صَحَّ، وإلا بطل في نَصِيب الشَّرِيك، وفي نصيبه قولا تفريق الصفقة، وعن بعض الأصْحَابِ تَصْحِيح الصُّلح في جميع المقر به، لنوافق المتعاقدين وتقاربهما وهو ضعيف.
ولو ادعيا داراً في يده فأقر لأحدهما بجميعها فالجواب أنه إن وجد من المقر له في الدعوى ما يتضمن إقراراً لصاحبه بأن قال: الدار بيننا وما أشبه ذلك شاركه صاحبه فيها، وإن لم يوجد بل اقتصر على دَعْوى النصف نظر إن قال بعد إقرار المدعى عليه بالكل: الكل لِي سلم الكُلّ لَهُ، ولا يلزم من ادعائه النصف، أن لا يكون الباقي له لجواز أن لا تساعده البينة في الحال إلا على النصف، أو يخاف الجحود الكُلّي لو ادعى الكل، وإن قال: النصف الآخر لصاحبي سلم إليه، وإن لم يثبته لنفسه ولا لصاحبه فيترك في يد المدَّعَى عَلَيْهِ، أو يحفظه القَاضِي، أو يسلم إلى صاحبه الذي يدعيه؟ فيه أوجه: