رده، وقبل القبض لم يتحقق ذلك، وكما يصِحَ ضَمَن العُهْدَة للمشتري يصح ضمان نقصان الصنّجة (١) للبَائِع، بأن جاء المشتري بصنجة ووزن بها الثمن، فاتهمه البائع فيها، فضَمِنَ ضَامِنٌ النقصانَ إن كانت نَاقِصة، وكذا ضمان رداءة الثمن إذا شَكَّ البائع في أن المؤدى هَلْ هو من الضرب الذي يستحقه؟ فهذا خرج ناقصاً أو رديئاً طالب البائع الضامن بالنّقْصَان، وبالضرب المستحق إذا رَدّ المقبوض على المشتري.
ولو اختلف البائع والمشتري في نُقْصَان الصنجة صدق البائع بيمينه، فإذا حَلَف طَالَبَ المُشْتَرِي بالنقصان، ولا يطالب الضَّامن على أقيس الوجهين؛ لأن الأصل براءة ذمته، فلا يطالب إلا إذا اعترف بالنقصان، أو قامت بينة عليه، ولو اختلف البَائِعُ والضَّامِنُ في نقصانها فالمصدق الضَّامِنُ على أصَحِّ الوجهين؛ لأن الأصْلَ براءة ذِمَّتِهِ بخلاف المُشْتَرِي، فإن ذمته كانت مَشْغُولةً بحق البائع، والأصل بقاء الشَّغْل.
واعلم أن الأئمة صوروا ضَمانَ نقصان الصّنجة والرداءة في الثمن كما أوردناه، قالوا: هذا الضَّمَانُ للبائع كضمان العُهْدَة للمشتري، وحكى هذا صاحب الكتاب في "الوسيط"، فأما هاهنا فإنه قال:(وكذلك ضمان نقصان الصنجة ورداءة الجنس في المبيع)، فصور ضمان الرداءة في المبيع وهذا يمكن فرضه فيما إِذَا بَاعَ وشرطه كونه من نَوْعِ كَذَا، فخرج المبيع من نوع أردأ منه ثبت للمشتري الخِيَار والرجوع بالثَّمن، وإذا ضمن ضامن كان له الرجوع على الضَّامِن أَيضاً، وكذا نقصان الصّنْجَة، يمكن تصوير ضمانه في المبيع، بأن باع بشرط أنه كَذَا منا فإنه إذا خرج دونه يبطل المبيع على قول، ويثبت للمشتري الخيار على قولٍ كَمَا مَرَّ، فإذا ضمنه ضامن رجع بالثمن عليه، وفي الصورتين يكون الضَّمَانُ للمشتري كضمان العهدة، ولو ضمن عهدة الثمن لو خرج المبيع معيباً فرده أو بان فساد المبيع بسبب غير الاستحقاق لتخلف شرط معتبر في المبيع أو اقتران شَرْطٍ فاسد ففيه وجهان:
أحدهما: أنه لا يصح.
أما في خروجه معيباً فلأن وجوب رَدِّ الثمن على البائع هاهنا بسببٍ حَادِثٍ، وهو الفسخ فالضمان سَابِقٌ عليه، فيكون ضَمَان مَا لَمْ يجب.
وأما في ظهور الفساد بغير الاستحقاق فلأن هَذَا الضمان إنما جوِّز للحَاجَةِ، وإنما تظهر الحاجة في الاستحقاق، ولأن التجوز عند ظهور الاستحقاق لا يمكن والتحرز عن سائر أسباب الفساد ممكن ولأن حبس المبيع إلى استرداد الثمن بسائر أسباب الفساد
(١) بفتح الصاد فارسية وعربت والجمع صنج ويقال سنجة بالسين خلافاً لابن السكيت وهذا كالمستثنى من بطلان ما سيجب.