للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القَاضِي حسين لو ظفر به المكفول له في مَجْلِس الحُكْم وادعى عليه لم يبرأ الكفيل وكذا لو سَلَّمه أجنبي لاَ عَنْ جِهَةِ الكَفِيلِ، ولو سَلَّمَهُ عن جهة الكفيل فإن كان بإذنه فهو كما لو سلمه بِنَفْسِهِ، وإن كان بغير إِذْنِهِ فليس على المَكْفُولِ لَهُ القبول، لكن لو قَبِلَ بَرِئَ الكَفِيلُ، ولو كفل برَجُلٍ لرجلين فسلمه إلى أَحَدِهِمَا لم يبرأ عن حَقِّ الآخر كما لو ضَمِن لِشَخْصَيْنِ دينين فأدى دين أحدهما, ولو كفل رَجُلاَن لِرَجُلٍ فجاء به أحدهما وَسلَّمه إلى المكفول له، نقل صاحب "التهذيب" أنهما إن كفلا على الترتيب وقَعَ تسليمه دون صَاحِبه، سواء قال: سلمت عن صاحبي، أو لم يقل، وإن كفلا معاً فوجهان، قال المُزَنِي: يبرأ صاحبه كما يبرأ المسلم، أما إذا أَدَّى أحد الضَّامنين الدَّيْن يبرآن جميعاً، وقال ابْنُ سُرَيْجٍ والأكثرون: لا يبرأ كما لو كان بالدَّيْنِ رهنان فانفك أحدهما لا ينفك الآخر، ويخالف أداء أحدهما الدَّين فإنه يوجب براءة الأَصِيل، وإذا برئ الأصيل بَرِئَ كُلُّ ضَامِنٍ، وإن كانت المسألة بِحَالها وكفل كُلُّ واحدٍ من الكفيلين ببدن صاحبه ثم أحضر أحدهما المكفول به وسلمه فعلى ما ذكره المزني يبرأ كُلُّ واحدٍ منهما عن كَفَالَةِ صَاحِبِهِ، وكفالله الذي كفلا به، وعلى ما ذكره ابْنُ سُرَيْجٍ يبرأ المسلم عن كَفَالَةِ صَاحِبهِ وكفالة الذي كفلا به، وكما يخرج الكفيل عن العُهْدَة بالتسليم يبرأ أيضاً بإبراء المكفولَ له كما يخرج الضامن عن العهدة بأموال المضمون له، وكذا يبرأ بأموال المكفول به.

ولو قال المكفول له: لاَ حَقَّ لي قبل المكفول به أو عليه فوجهان عن ابْنِ سُرَيْجٍ.

أحدهما: أنه يبرأ الأَصِيل وَالكَفِيل.

والثاني: أنه يراجع فإن فسر بنفي الدَّيْنِ فَذَاكَ، وإن فسر بنفي الشَّركة والوديعة ونحوهما، قُبِلَ قوله فإن كذباه حلف.

الثالثة: إذا غَابَ المكفول ببدنه نظر إن غاب غيبة منقطعة، والمراد منها أن لا يعرف موضعه وينقطع خَبَرُه، فلا يكلف الكَفِيلُ بإحضاره لِعَدَم الإمكان، وإن عرف موضعه فإن كان دون مسافة القصر فعليه إحضاره لكنه يمهل مدة الذَّهَاب والإِيَاب ليتبعه، فإن مَضَت المُدَّة ولم يحضره حبس حينئذٍ، وإن كان على مَسَافة القَصْرِ فوجهان:

أظهرهما: أنه كما لو كان دون مسافة القَصْرِ، وكما لو كان مال المَدْيُون غائباً إلى هذه المسافة يؤمر بإحْضَاره.

الثَّانِي: أنه لا يطالب به إلحاقاً لهذه الغيبة بالغيبة المنقطعة، كما أنه لو غاب غيبة منقطعة ولو كان غائباً حين كفل، فالحُكْمُ في إِحْضَاره كما لو غاب بعد الكفالة، وما حَكَيْنَا عَنِ الإِمَامِ في كَفَالَةِ مَنْ بالبصرة جوابٌ على أنه لاَ يَلْزَم الإِحْضَار؛ بأن الكَفَالَةَ حينئذٍ لاَ فَائِدَة فِيها فبطل.

<<  <  ج: ص:  >  >>