للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإمَام، وقوله: (على الأظهر) أي: في من عليه عقوبة لآدمي، ولم يقصد صرف الخلاف إلى الزوجة والعبد الآبق على ما هو واضح في "الوسيط"، كما أسلفنا فيهما ما يقتضي الخِلاَف، فيجوز إعلام الزوجة والعبد بالواو.

وقوله: (من عليه عقوبة لآدمي) يصح إعلامه بالألف, لأن أحمد لا يجوز الكفالة ببدنه. وقوله: (فلا يشترط كونه مالاً) ليس مسألة أخرى، بل هو تتمة وإيضاح لما سبق. وقوله: (وكذلك ضمان عين المغصوب) مُعَلَّم بالواو.

قال الغزالي: وَيَخْرُجُ الكَفِيلُ عَنِ العُهْدَةِ بتَسْلِيمِهِ فِي المَكَانِ الَّذِي شَرَطَ أَرَادَهُ المُسْتَحِقُّ أَوْ أَبَاهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ دُونَهُ يَدٌ جَلِيلَةٌ مَانَعَةٌ فَلاَ يَكُونُ تَسْلِيماً، وَيَلْزَمُهُ اتِّبَاعُهُ فِي غَيْبَتِهِ إِنْ عُرِفَ مَكَانُهُ، فَإِنْ مَاتَ أَوْ هَرَبَ أَو اخْتَفَى فَالصَّحِيحُ أنَّهُ لاَ يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ الدَّيْنُ إِنْ قَامَتْ بِهِ البَيِّنَةُ، فَإِنْ قُلْنَا: لاَ يَلزَمُهُ شَيْءٌ سِوَى الإِحْضَار فَلاَ تَجُوزُ الكَفَالَةُ دُونَ رِضَا المَكْفُولِ بِبَدَنِهِ، وَتَجُوزُ الكَفَالَةُ بِبَدَنِ الكَفِيلِ كَمَا يَجُوزُ ضَمَانُ الضَّامِنِ، فَإذَا مَاتَ المَكْفُولُ لَهُ انْتَقَل الحَقُّ إِلَى وَرَثَتِهِ عَلَى الأَظْهَرِ، وَمَهْمَا حَضَرَ بِنَفْسِهِ بَرِئَ الكَفِيلُ كَمَا لَوْ أَدَّى الأَصِيلُ الدَّيْنَ.

قال الرَّافِعِيُّ: في الفَصْلِ مَسَائِل مُفَرَّعة على صِحَّة الكَفَالَة بعضُها مُصَرَّحٌ بِهِ وبعضها مشار إليه:

الأولى: إن عَيَّنَ في الكَفَالَةِ مكاناً لِلتَّسْلِيمِ تَعَيَّن، وإن أطلق ففي "التتمة": أنه كما لو أطلق السَّلم ولم يعين مَكَانَ التَّسْلِيم، وقال الإِمَام وغيره: يحمل على مكان الكَفَالَة، ولا يجيء فيه ذلك الخِلاَف، وسواء جاء الخلاف أم لا فالظَّاهِر جوازه، وحمل على ذلك المكان، فلو أَتَى الكَفِيل بالمكفول به في غير المكان المستحق جَازَ قَبُولُه، وله أن يمتنع إن كان له فيه غرض بأن كان قد عَيَّنَ مَجْلِسَ الحُكْم أو بقعة يجد فيها من يعينه على خصمه فَسَلَّمَهُ الكَفِيل في مَكَانٍ آخر، وإن لم يختلف الغرض فالظاهر أنه يلزمه قبوله، فإن امتنع رفعه إلى الحاكم ليستلم عنه، فإن لم يكن حاكم أشهد عليه شَاهِدَيْنِ أنه سَلَّمَهُ إليه.

الثَّانِية: يخرج الكفيل عن العُهْدَة بتسليمه في المَكَان الذي وجب فيه التسليم، طَلَبَهُ المُسْتَحِق أو لم يطلبه بل أباه بشرط أن لا يكون هناك حَائِل كَيَدِ سُلْطَانٍ أو متغلب، وحبس بغير حق لينتفع بتسليمه ويطالب الخصم، وحبس الحَاكِم بالحق لا يمنع صِحَّة التسليم، لإمكان إحْضَاره ومطالبته بالحَقّ، ولو حضر المكفول به وقال: سلمت نفسي إليك عن جِهَةِ الكَفِيلِ بَرِئَ الكَفِيلُ كما يبرأ الضَّامِنُ بأداء الأَصِيل الدَّيْن، ولو لم يسلم نفسه عن جِهَة الكَفِيل لم يبرأ الكفيل؛ لأنه لم يسلمه إليه ولا أحداً من جِهَتِهِ حتى قال

<<  <  ج: ص:  >  >>