للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحالة الرابعة: أن يقصد نفس الصلاة من غير تعرض للفرض والنفل، ففيه وجهان:

أحدهما: أنه كما لو نوى الفرض، والنَّفل جميعاً، وهذا هو الذي ذكره في الكتاب، حيث قال: أو استباحة الصَّلاَة مطلقًا فيكفيه، وهو قياس قول الحليمي فيما حكاه أبو الحسن العبادي، وقطع به إمام الحرمين -رحمهم الله-؛ لأن الصَّلاةَ اسم جنس يتناول الفرض والنَّفل جميعاً، فأشبه ما لو تعرَّض لهما في نِيَّتهِ.

والثاني: أنه كما لو نوى النفل وحده؛ لأن مطلق اسم الصَّلاة محمول عليه، والفرض يحتاج إلى تخصيصه بالنية، ألا ترى أنه لو لم تحرم الصلاة مطلقاً انعقدت صلاته نفلاً، وهذا الوجه أظهر، ولم يذكر أصحابنا العراقيون غيره، وهو المنقول عن القَفَّال، فهذا تمام الأحوال الأربع، وهي بأسرها مذكورة في الكتاب (١).

الأمر الثالث: لو نوى فريضة التَّيمم، أو إقامة التَّيمم المفروض، ففيه وجهان:

أحدهما: يصح تيمّمه كما يصح الوضوء بهذه النّية.

وأصحهما: أنه لا يصح؛ لأن التَّيمم ليس مقصوداً في نفسه، وإنما يؤتى به عن ضرورة، فلا يصلح مقصداً بخلاف الوضوء، ولهذا يستحب تجديد الوضوء دون التّيمم.

واعلم أنه كما لا يجوز أن تتأخر النية في الوضوء عن أول فعل مفروض كذلك لا يجوز في التّيمم (٢). وأوّل أفعاله المفروضة نقل التراب، ولو قارنته النّية، وعزبت قبل مسح شيء من الوجه، فهل يجوز؟ وجهان:

أحدهما: نعم، كما لو قارنت أول غسل الوجه في الوضوء، وعزبت بعده.

وأظهرهما: وهو الَّذِي ذكره في التَّهذيب، أنه لا يجوز، لأن النَّفل وإن كان واجباً إلا أنه ليس بِرُكْنٍ مقصود في نفسه، بخلاف غسل الوجه في الوضوء، ولو تقدمت النّية على أول فعل مفروض فهو كمثله في الوضوء.

قال الغزالي: (الخَامِسُ) أَنْ يَسْتَوعِبَ (ح) وَجْهَهُ بَالْمَسْحِ وَلاَ يَلْزَمُهُ إِيصالُ التُّرَابِ اِلَى مَنَابِتِ الشُّعُورِ وَإِنْ خَفَّتْ.

قال الرافعي: [قال الله تعالى: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} (٣) (٤)] يجب استيعاب الوجه بالمسح بالتراب خلافاً لأبي حنيفة، حيث قال: يجوز أن يترك من ظاهر الوجه دون الرُّبع، حكاه الصَّيدلاني من أصحابنا وعن أبي الحسن بن زياد عن أبي حنيفة، أنه إذا مسح أكثر وجهه أَجْزَأَهُ.


(١) في ط سقط "كتاب الأم".
(٢) سقط في ب.
(٣) سورة المائدة، الآية ٦.
(٤) سقط في ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>