فيها رُجوع، فإن أراد الأخْذَ من تركة الضَّامِنِ لزم الدور؛ لأن ما يغرمه ورثة الضَّامن يرجع إليهم بَعْضُه من جهة أنه يصير المغروم ديناً لهم على الأَصِيلِ، فيضاربون به مع صَاحِب الحَقِّ في تركته، ويلزم من رجوع بعضه زيادة التركة ومن زيادة التركة زِيَادَةِ المَغْرُومَ، ومن زيادة المغروم زيادة الرَّاجِعِ.
وطريق استخراجه أن يقال: يأخذ صَاحِب الحَقِّ من ورثة الضَّامِن شيئاً، ويرجع إليهم مِثْل نِصْفِهِ؛ لأن تركة الأَصِيل نصف تركة الضَّامِن، فيبقى عندهم تِسْعُونَ إلاَّ نِصْف شَيْءٍ، وهو يعدل مِثْلِي ما تَلَفَ بالضمان، والتألف نصف شَيْءٍ ومثلا شيء، فإذاً تسعون إلا نِصْف شيء يَعْدِل شيئاً، فإذا اخترنا وقابلنا عدل تسعون شيئاً ونصفاً، فيكون الشيء ستين، فبان لنا أن المأخوذ سِتُّون، وحينئذ تكون الستون دينًا لهم على الأَصِيل، وقد بقي لِصَاحِبِ الحق ثَلاَثُونَ، فيتضاربون في تركته بسهمين وسَهْم، وتركته خَمْسَة وأربعون يأخذ منها للورثة ثلاثين، وصاحب الحق خمسة عشر، ويتعطل بَاقِي دينه وهو خمسة عشر، ويكون الحَاصِل للورثة ستين، ثلاثونُ بقيت عِنْدَهم، وثلاثون أَخَذُوهَا من تَرِكَةِ الأَصِيلِ، وذلك مِثْلاً مَا تَلَفَ ووقع تبرعاً وهو ثلاثون، ولو كان التصوير كما مَرَّ، لكن تركة الأصيل ثلاثون لقلنا: يأخذ صاحب الحقِّ شيئاً، ويرجع إلى وَرَثَةِ الضَّامِنِ مثل ثلثه؛ لأن تركة الأصيل ثلث تركة الضَّامِن، فيبقى عِنْدَهُمْ تِسْعُون نَاقِصَةٌ ثلثي شَيْءِ، يعدل مِثْليَ التالف بالضَّمَان وهو ثُلُثَا شَيْءٍ فمثلاه شَيْءٌ وثلث، فإذن تسعون إلا ثلثي شَيْءٍ، يعدل شيئاً وثلثاً، فإذا جبرنا وقابلنا عدل تِسْعون شيئين، فيكون الشَّيء جميعه خمسة وأربعين، وذلك ما أخذه صَاحِبُ الحَقِّ وصار ديناً لورثة الضَّامِنِ عَلَى الأَصِيل، وبقي لِصَاحِبِ الحَقِّ عليه خمسة وأربعون أيضاً، فيتضاربون في تركته بِسَهْم، وسهم فتجعل بينهما مُنَاصَفة، ولو كان تركة الأَصِيل ستين فَلاَ دور، بل لِصَاحِبِ الحَقِّ أخذ تركة الضَّامِن كُلّها ثم هم يأخذون تركة الأصيل كلها بِحَقِّ الرجوع، ويقع الَبَاقِي تبرعاً؛ ثم قال في "التلخيص": ولو كانت المسألة بِحَالِهَا، وكان قد ضمن أيضاً عن الضَّامِنِ ضَامِنٌ ثَانٍ ومات الضَّامِنُ الثَّانِي ولم يترك إلا ستين درهماً أيضاً كان لصاحب الحق أن يطالب ورثة أيهما شَاء، فإن طالب به ورثة الضَّامِن الأول، كان كالمَسالة الأولى يأخذ منه سِتّين، ومن ورثة مَنْ كان عليه أصل المَالِ خمسةَ عشر، ويرجع وَرثةُ الضَّامِنِ الثَّانِي على ورثة الَّذي كَانِ عَلَيْهِ الحق بِثَلاَثِين، وإن طَالَبَ ورثة الضَّامِن الثَّانِي أخذ منهم سَبْعِينَ دِرْهَماً، ومن ورثة مَنْ كَانَ عَليه الأصْل خَمْسة عَشَر، ويرجع ورثة الضَّامِن الثاني على الضَّامن الأول بأربعين درهماً، ويرجع الضَّامِن الأَول في مَالِ مَنْ عليه أَصْلُ الحَقِّ بثلاثين، أما قوله:(إن طالب ورثة الضَّامن الأول، كان كالمسألة الأولى) معناه: أنه لا يأخذ منهم إلا ستين، ويأخذ من تركة الأَصِيل خمسةَ عَشر كما في الصُّورة السُّابِقة، لكن لا يتلف مِنْ مَالِهِ شَيْءٌ هاهنا، بل يطالب بالباقي وهو خَمْسَة عشر ورثة الضَّامن الثاني.