للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيما إذا اشترطا انفراد أحدهما بالتَّصَرُّف، وجعلا له زيادة رِبْحٍ، وفي وجه يجوز هاهنا، ولا يجوز فيما إذا اشتركا في أَصْلِ العَمَلِ؛ لأنه يدري بِأَيِّ عَمَلٍ حصل فيحال به على المَالِ، أورده في "الوسيط".

قال الغزالي: وَمِنْ حُكْمِهَا كَوْنُ كُلِّ وَاحِدٍ أَمِيناً القَوْلُ قَوْلُهُ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ تَلَفٍ وَخُسْرَانٍ، إِلَّا إِذَا ادَّعَى هَلاَكاً بِسَبَبِ ظَاهِرٍ فَعَلَيْهِ إِقَامَةُ البَيِّنَةِ عَلَى السَّبَبِ، ثُمَّ هُوَ مُصَدَّقٌ فِي الهَلاَكِ بِهِ، وَالقَوْلُ قَوْلُهُ فِيمَا اشْتَرَاهُ أَقَصَدَ بِهِ نَفْسَهُ أَوْ مَالَ الشَّرِكَةِ، فَإِنْ قَالَ: كَانَ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ فُخَلُصَ لِي بِالقِسْمَةِ فَالقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِهِ فِي إِنْكَارِ القِسْمَةِ.

قال الرَّافِعِىُّ: في الفَصْلِ مسألتان:

إحداهما: من أحكام الشَّرِكَة، أن يَدَ كُلِّ واحد من الشَّريكين يد أمانة كيد المُودع والوَكِيل، ولو ادعى رَدّ المَالِ إلى شَرِيكهِ قَبْلَ قوله كالمودع والوَكِيل بِغَيْرِ جعل، ولو ادعى خسراناً أو تلفاً فكذلك، كالمودع إذا ادعى التَّلَف، وكل واحد من الشَّرِيكَيْنِ، والمودع إذا أسند التَّلَف إلى سَبَبٍ ظاهر طُولِبَ بالبينة عَلَيْهِ، فلو أقامها صدقا في الهَلاَكِ به، وسيأتي ذِكْرُه في الوَدِيعَةِ، فَهذا ادعى أحدُ الشَّرِيكَيْنِ خيانةٌ عَلى الآخَرِ، لم تُسْمَع الدَّعْوَى حتى يبين قَدْرَ مَا خَانَ بِهِ، فإذا تبين سُمِعت والقول قول المُنْكِر مع يمينه.

الثانية: في يد أحد الشريكين مالٌ واختلفا فقال من في يده: إنه لي، وقال الآخر: بل هُوَ مِنْ مَالِ الشَّرِكَة، أو عكسه فالقول قول صاحب اليد وهذا يقع عند ظُهُورِ الرِّبْحِ فِيهِ، أو قال المُشْتَرِي: اشتريته من الشَّرِكَة، وقال الآخر: بل لِنَفْسِك، وهذا يقع عند ظُهور الخُسْرَانِ، فالمصدق المشتري؛ لأنه أعرف بِمَقْصِدِهِ، ولو قال صَاحِبُ اليَدِ: قسمنا مَالَ الشَّرِكةِ، وهذا مُخْتَص بِي، وقال الآخر: لم نقسم بَعْد وهو مشترك، فالقول قول نَافي القِسْمَة؛ لأن الأَصْلَ بقاء الشَّركَة وعلى مُدَّعِي القسمة البَيِّنَة، ولو كَانَ في أيديهما أو في يَدِ أَحَدِهِمَا قال، وَقَالَ كُلّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: هَذَا نَصِيبي من مَالِ الشَّرِكَةِ، وأنت أخذت نَصِيبك، حَلَفَ كُلُّ وَاحدٍ مِنْهُمَا، وجُعَلَ المَالُ بينهما، فإن حَلَفَ أَحَدُهُمَا دُونَ الآخر قضى له. والله أعلم.

قال الغزالي: وَإِذَا بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بِإذْنِ الآخَرِ عَبْداً مُشْتَرِكاً ثُمَّ أَقَرَّ الَّذهي لَمْ يَبعْ أَنَّ البَائِعَ قَبَضَ الثَّمَنَ كُلَّهُ وَهُوَ جَاحِدٌ فَالمُشْتَرِي بَرِئٌ مِنْ نَصِيبِ المُقِرِّ لإِقْرَارِهِ، وَلِلْبَائِعِ طَلَبُ نَصِيبِهِ مِنَ المُشْتَرِي، فإن اسْتَحْلَفَهُ المُقِرُّ فَحَلَفَ أنَّهُ لَمْ بَقبِضْ سَلَّمَ لَهُ مَا قَبَضَ، وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الخَصْمُ وَاسْتَحَقَّ، وَلَوح كَانَتِ المَسْأَلَةُ بِحَالِهَا وَلَكِنْ أَقَرَّ البَائِعُ أَنَّ الَّذِي لَمْ يَبعْ قَبَضَ الثَّمَنَ كُلَّهُ لَمْ يُقْبَلْ إِقْرَارُ الوَكِيلِ عَلَى المُوَكِّلِ، وَبَرِئَ المُشْتَرِي مِنْ مُطَالَبَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>