قال الرَّافِعِ: إذا كان بين اثنين عَبْد فباعه أَحَدُهُمَا بِإذْنِ الآخر، وكان البَائِعُ مَأْذُوناً فِي قَبْضِ الثَّمَنِ أيضاً، أو قلنا: إن الوَكِيلَ بالبيع يَمْلِك قَبْضَ الثَّمَنِ، ثم اختلف الشَّريكان في القَبْضِ، فذلك يصور عَلَى وَجْهَيْنِ:
أحدهما: أن يقول الشَّرِيك الذي لم يبع لِلَّذي بَاعَ: قبضت الثَّمَنَ كُلَّه، فسلم إليَّ نصيبي، ويساعده المُشْتَرِي على أن البائع قبض وينكر البَائِع، فيبرأ المُشْتَرِي عن نصيب الَّذِي لَمْ يَبعْ لاعترافه بأن البَائِعَ الذي هو وَكَّله بالقبض قَدْ قبض، ثم هاهنا خصومة بين البَائِع والمُشْتَري، وخصومة بين الشَّريكين، وربما تَقدَّمت الأولى على الثَّانِية وَرُبَّما تأخرت، فَإِنْ تَقَدَّمت خصومة البَائِع والمشْتَري فطالب البَائِع المُشْتري بنصيبه من الثَّمَن، وادعى المُشْتَرِي أنه أداه نظر إن قامت للمشتري بينة على الأداء اندفعت المُطَالبة عنه، فإن شَهِد له الشَّرِيك الَّذِي لَمْ يَبع لم تقبل شَهَادَتُه في نَصِيبِهِ؛ لأنه لَوْ ثبت ذلك، لطَالَبَ المشهود عَلَيْهِ بحقه، وذلك جَرَّ نَفْعٍ ظَاهِر، وفي قبولها في نَصِيب الآخر قَوْلاَن، بناءً على أن الشَّهَادَة هَلْ تتبعض؛ كماَ لو شَهِد أنه قذف أُمه وأجنبية، هل تقبل في حَقِّ الأجنبية؟ وإن لم تكن بينة فَالْقولُ قولُ البَائِع مع يمينه أنه لم يقبض، فإن حَلَفَ أخذ نصيبه من المُشْتَرِي، ولا يُشَارِكه الَّذِي لم يبع فيه، لإقراره بأنه أخذ الحَقَّ من قبل، وزعمه أن ما أخذه الآن أخذه ظُلْماً، وإن نَكَل وحلف المشتري انقطعت الطَّلبة عنه، وإن نكل المُشْتَرِي أيضاً فعن ابْنِ القَطَّانِ وجه أنه لا يؤاخذه بِنَصِيبِ البَائِع؛ لأنا لاَ نحكم بالنّكُولِ والمَذْهب خِلاَفُه، وليس هَذَا حكم بالنكول، وأن ما هو مؤاخذة له بإِقْرَارِه بلزوم المَالِ بالشَّرَاءِ ابتداء، ثم إذا انفصلت خصومة البَائِع والمُشْتَري، فلو جاء الشَّرِيك الذي لَمْ يَبع يطالب الذي بَاعَ بحقه بزعمه أنه قبض الثَّمن فعليه البَيِّنَة، ويصدق البَائِع أنه لم يقبض إلا نَصِيبه بعد الخُصُومة الجَارِية بينهما، فإن نَكَلَ البَائِع حلف الذي لَمْ يَبع، وأخذ منه نَصِيبَ نَفْسِهِ، ولا يرجع البَائِع به على المُشْتَرِي؛ لأن بزعمه أن شريكه ظلمه بما فعل، ولا يمنع البَائِع من الحَلِف، ونكوله عن اليَمين في الخُصُومة مع المُشْتَرِي؛ لأنها خصُومة أُخْرَى مَعَ خصم آخر، هذا إذا تَقَدَّمت خُصُومةُ البَائِع والمُشْتَرِي، وتلتها خُصُومه الشَّرِيكَيْنِ، فهذا تَقَدَّمت خصومةُ الشَّريكين، فادعى الَّذِي لَمْ يَبعْ قَبْضَ الثمن على البَائِع وطالبه بحقه، فَعَلَيْهِ البَيِّنَة ولا تقبل شَهَادة المُشْتَرِي لَهُ بحال؛ لأنه يَدْفع عَنْ نَفْسِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ له بينة حَلَف البَائع أنه مَا قبض، فإن نكل حَلَف الَّذِي لَمْ يَبع، وأخذ نَصِيبَه من البَائِع، ثم إذا انفصلت خصومة الشريكين، فلو طالب البَائِع المُشْتَرِي بِحَقِّه، وادعى المُشْتَرِي الأداء فَعَلَيْهِ البينة، فإن لم تكن بينة حَلَفَ البَائِعُ وقبض حَقَّه، فإن نَكَل