للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأصحاب فيه، فغلطه قوم، منهم القفال. وقالوا: لا يفرق في الضربة الأولى؛ لأنها لمسح الوجه، ولا يمسح الوجه بما بين الأصابع، وما لم يمسح الوجه لا يدخل وقت مسح اليدين، حتى يقدر الاحْتِسَاب به على اليدين، فلا فائدة في التفريق.

وأما في الضربة الثانية دخل وقت مسح اليدين فيفرق حتى يستغنى عن إيصال التُّراب إليها مما على الكَفِّ، وصوّبه آخرون، وقالوا: فائدته زيادة تأثير الضرب في إثارة الغُبَارِ لاختلاف موضع الأصابع إذا كانت مفرقة، وهذا أصح، أما القائلون بالأول اختلفوا في أنه هل يجوز أن يفرق في الضربة الأولى؟.

فقال الأكثرون: نعم إذ ليس فيه إلا حُصُول تراب غير مستعمل بين أصابِعِهِ فإن لم يفرق في الضَّرْبة الثَّانية كفاه هذا التُّراب لها، وإن فرق حصل فوقه تراب آخر غير مستعمل بين أصابعه فيقع المجموع عن الفرض، وقال الأقلون، ومنهم القَفَّال: لا يجوز ذلك، ولا يصح تيمُّمه لو فعل؛ لأن فرض ما بين الأصابع لا يتأتى بالضَّربة الأولى، لوجوب التَّرتيب، وحصول ذلك الغُبَار، ولمنع وصول الثاني ولصوقه بالمحل.

ومن قال بالأول قال: الغبار الأول لا يمنع وصول الثاني، أو لا يمنع الوصول المعتبر، ولهذا لو غشيه غبار في تَقَلُّبهِ في السَّفَرِ، ثم تيمَّم، يصح تيممه، ولا يكلف نفض التراب أولاً، ثم إذا فرق في الضَّربتين وجوزنا ذلك، أو فرق في الضَّربة الثَّانية وحدها، فيستحب تخليل الأصابع بعد مسح اليدين على الهيئة المذكورة احتياطاً، ولو لم يفرق فيهما، أو فرق في الأولى وحدها، وجب التخليل [آخرًا؛ لأن] (١) ما وصل إليه قبل مسح الوجه غير معتد به، ثم يمسح بعد ذلك إحدى الرَّاحلتين بالأخرى، وهو واجب، أو مُسْتَحَبٌّ فيه خلاف مبني على أن فرض الكفين هل يتأتَّى بضربهما على التُّراب، أم لا؟ وفيه وجهان:

منهم من قال لا؛ لأنه لو تأدَّى فرضهما حينئذ لما صلح الغبار الحاصل عليهما لموضع آخر؛ لأنه يصير بالانفصال عنه مستعملاً، ومنهم من قال وهو الأصح: نعم؛ لأنه وصل الطّهور إلى محل الطَّهَارة بعد النِّيّة، ودخول وقت طهارة ذلك المحلّ، فعلى هذا المسح آخراً مستحب وعلى الأول (٢) هو واجب، هذا ما يتعلّق بهذه الهيئة.

والقدر الواجب إيصال التراب إلى الوجه واليدين، كيف ما كان، ولا يشترط أن يكون المسح باليد؛ بل لو مسح وجهه بِخِرْقَةٍ أو خشبة عليها تراب جاز، ولا يشترط الإمرار على أصح الوجهين كما ذكرنا في مسح الرأس، ولا يشترط أيضاً أَلاَّ يرفع عن العضو الممسوح حتى يستوعبه في أصح الوجهين:


(١) في ب: إلا أن ما وصل إليه.
(٢) في ب: الثاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>