للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثَّاني: يشترط؛ لأن التراب الباقي بالفصل يصير مستعملاً، فلا يصح تيمُّمه بالمردود حتى يأخذ ترابًا جديداً، ومن قال بالأول أجاب بأنا إذا قلنا: إن المستعمل هو اللاَّصق بالعضو، والباقي غير مستعمل بحال.

وإن قلنا: إن المتنافر مستعمل قائماً يثبت حكم الاستعمال إذا انفصل بالكلية، وأعرض المتيمم عنه؛ لأن في إيصال التراب إلى الأعضاء عسراً سِيَّماً مع رعاية الاقْتِصَارِ على الضَّرْبَتَيْنِ، فيعذر في رفع اليد وردها، كما يعذر في التَّقَاذُفِ الَّذي يغلب في الماء، ولا يحكم باستعمال المتقاذف -والله أعلم-.

ونعود إلى لفظ الكتاب في نَزْعِ الخَاتِمِ، وَتَفْرِيجِ الأصَابع.

قال: "فيضرب ضربة واحدة لوجهه، ولا ينزع خاتمه، ولا يفرج أصابعه"، وقد يوجد في بعض النسخ: "وينزع خاتمه، ولا يفرج أصابعه"، فعلى الأول المراد أنه لا يجب نَزْعُ الخاتم؛ لأن المقصود من الضربة الأولى مسح الوجه دون اليدين، وقد ذكرنا أن المَسْحَ لو كان بخرقة، ونحوها، جاز فعليه مَسْحُ بعض الوجه بما على الخاتم، وليس المراد أنه لا يجوز النَّزْع (١)، فإنه لا صائر إليه ولا وجه له بل يستحبُّ النزع ليكون مسح جميع الوجه باليد اتباعاً للسّنة.

وقوله: "ولا يفرج أصابعه"، يمكن أن يراد به أنه لا يجوز التَّفرِيجُ ذهاباً إلى ما صار إليه القَفَّال، ومن وافقه، لكنه لم يرد ذلك، لأنه نقل كلام القَفَّال في "الوسيط" واستبعده، وإنما أراد أنه لا يجب التَّفريج، وأنه لا يستحب، أو أنه يستحب ألا يفرج، فإن أراد الاحتمال الأول فلا كلام فيه، وإن أراد غيره فليكن مُعْلَمًا بالواو لما ذكرنا من رواية المازني، وتصحيح الأصحاب لها، وبينا أنه ظاهر المذهب، وأما من روى في الكتاب "وينزع خاتمه"، فذلك ظاهر، والمراد الاستحباب على ما سبق.

قال الغزالي: (السَّابعُ) التَّرْتِيبُ كَمَا فِي الوُضُوءِ.

قال الرافعي: التَّرتِيبُ مُعْتَبَرٌ بين الوجه واليدين، كما في الوضوء، وتركه ناسياً حكمه على ما سبق في الوضوء، ولا يشترط الترتيب في أخذ التُّرَاب للعضوين على أصح الوجهين، حتى لو ضرب يديه على الأرض معاً وتمكن من مسح الوجه بيمينه، ومن مسح يمينه بيساره جاز؛ لأن الركن الأصلي هو المسح، وأخذ التراب ونقله وسيلة إليه، فلا يعتبر فيه ترتيب.

"خاتمتان":


(١) في ب: نزع الخاتم.

<<  <  ج: ص:  >  >>