إحداهما: قال جماعة من الأصحاب: أركان التَّيمم وفروضه خمسة، وحذفوا الركن الأول والثاني من السَّبعة التي عدها في الكتاب، والذي فعلوه أولى.
أما الركن الأول، فلأنه ما ساقه إلا للكلام في التراب المتيمم به، ولو حسن عد التُراب ركناَ في التَّيمم؛ لحسن عد الماء ركناً في الوضوء، والغسل.
وأما الركن الثاني، فلأن القصد داخل في النفل، فإنه إذا نقل التراب على الوجه الذي سبق، وقد نوى التيمم كان قاصداً إلى التُّراب لا محالة، وحذف بعضهم النفل أيضاً فاقتصر على أربعة والأكثرون عدوه ركناً، وبنوا عليه أنه لو أحدث بعد أخذ التُّرَاب، وقبل أن يمسح به الوجه يبطل ما فعله، وعليه الأخذ ثانياً، كما لو غسل في الوضوء وجهه، ثم أحدث، بخلاف ما إذا أخذ كفاً من الماء، ليغسل بها وجهه، فأحدث، ثم غسل الوجه، جاز؛ لأن القصد إلى الماء، ونقله لا يجب، وقياس ذلك أنه لا يضر عذوب النيّة بعد اقترانها بأخذ التراب، وهو وجه قدمناه.
لكن الأصح أنه لا بد من الاستصحاب إلى مسح بعض الوجه لما سبق، وإذا يممه غيره بإذنه، وهو عاجز أو قادر، وجوزناه، وأحدث أحدهما بعد الضرب، وأْخذ التراب، وقبل المسح، فقد ذكر القاضي في فتاويه أنه لا يضر ذلك؛ لأن الأذن لا يأخذ (١) حتى يبطل بحدثه، وحدث المأذون لا يؤثر في طهارة غيره، وهذا مشكل، بل ينبغي أن يبطل الأخذ بحدث الإذن، كما لو كان يتيمَّم بنفسه، ولهذا لو أحدث بعد مسح الوجه يبطل، ولا نقول إنه لم يمسح حتى يبطل بحدثه، ولو ضرب يده على بَشْرَةِ امرأة أجنبية عليها تراب، فإن كان كثيراً يمنع تلاقي البشرتين فلا بأس، وإن كان قليلاً لا يجوز، لأن اللمس حدث، والحدث إذا قارن فعل الطهارة منع الاعتداد به، وفرق في التَّتمة بين أن يضرب اليد عليها في الضَّرْبَةِ الأولى، أو في الثانية، وقال: الأخذ للوجه صحيح، فإذا ضرب اليد عليها في المرّة الثانية بطل مسح الوجه، لأنه حدث طرأ في أثناء التَّيمم، والأول هو الوجه، فإن النفل من الأركان، فمقارنة الحدث له، كمقارنته لغسل الوجه في الوضوء، وهكذا أطلق القاضي في الفتاوى، وزاد بعضهم في الأركان طلب الماء وليس ذلك من نفس التيمم، فان المريض يتيمم كالمسافر، والطلب مخصوص بالمسافر، وما يختص به بعض المتيممين لا يكون من نفس مطلق التَّيمم.
الثانية: لم يفرد في الكتاب السُّنن بالذكر كما فعل في الوضوء وللتيمم سنن منها ما صار مذكوراً في كيفية مسح الوجه واليدين، ومنها التَّسْمِية، وتقديم اليمنى على اليسرى، ومنها إمرار التُّرَابِ على العضد، ذكره في التَّهذيب وغيره أنه مستحب، ونازع