للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنه نقل هذه المسألة من كتب أهل العراق، فإنهم يقبلون إقرار الوَكِيل على الموكل باستيفاء الثَّمَنِ، والبائع وكيل الذي لم يبع، فيسقط بإقراره أن الموكل قد قَبضَ حَقَّه، فأما على أَصْل الشَّافعي -رضي الله عنه- فإن إقرار الوَكِيل على الموكل غَيْر مَقْبول، فلا يسقط بإقرار البَائِع حَقّ الذي لم يَبع.

وفرقه أولت كلامه، ولهم قولان عن ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ وغيره: أنه ما أراد بقوله: (برئ المُشْتَرِي من نِصْفِ الثمن) البراءة المطلقة، وانما أراد براءة مُطَالبة البَائِع بالنَّصف؛ لأن زعمه أن شريكَه قد قبض حَقَّه فلا يمكنه المطالبة به.

ومنهم من حمله على ما إذا كان الذي لم يبع ماذوناً من جهة البَائِع في القَبْض أيضاً، فإذا أقر البَائع بأن شَرِيكه قبض، وقد أقر بقبض وكيله، فعلى هذا فالنّصف السَّاقِط هو نصيب المُقر، كما في الاختلاف الأول.

واعلم أن المَسْأَلة لا اختصاص لها بالشَّركة المعقود لها البَاب، وإنما هِيَ موضوعة في مُطْلَق الشَّرِكة.

وقوله في الكتاب: (فإن نكل حلف الخصم واستحق) أي إن نكل البائع وحلف الذي لم يبع، واستحق نصيبه على شريكه.

وقوله في الصورة الثانية: (لم يقبل إقرار الوكيل على الموكل)، الوكيل هاهنا الذي بَاع، والموكل الَّذِي لم يبع، وقوله: (وبرئ المشتري من مطالبة المقر، بأن شريكي قبض) إلى آخره قد يوهم مغايرة هذه اللَّفْظَة، لقوله في الصُّورة السَّابِقة: "المشتري يبرأ من نَصِيب المقر لإقراره"، فرق بينهما في هَذَا الحُكْم ولا فرق، وَليس في تَغَاير اللَّفْظَيْن فقه.

وقوله: (ولم يبرأ من مطالبة الجَاحِد) كالشرح والإيضاح لِمَا مَرّ، وإلا ففي قوله: (لم يقبل إقرار الوكيل على الموكل) ما يفيده، فإنه إذا لم يقبل إقْرَار البَائِع عليه، ففي حقه ومطالبته بحالهما، ويجوز أن يقال: قوله: (لم يقبل إقرار الوكيل على الموكل) إشارة إلى القَاعِدة الكلِّيَةِ في الوكلاء والمُوَكلين.

وقوله: (ولم يبرأ من مطالبة الجَاحِد)، بيان قياس تلك القاعدة وثمرتها فيما نحن فيه.

فرع: نتأسى في خَتْمِ الكِتَاب بالمزني والأصْحَاب، وان لم يكن له كبير اختصاص بالبَاب عبد بين رجلين غصب غاصب نصيب أحدهما بأن نزل نفسه منزلته، وأزال يَد صاحبه يَصِح من الذي لم يَغْصب نصيبه بيع نصيبه، ولا يَصِحّ من الآخر بيع نَصِيبه إلا من الغَاصِب، ولو بَاعَ الغَاصِبُ والذي لم يَغْصب نصيبه، جميع العَبْد في عَقْدٍ واحدٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>