للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: في أحكام الوكالة الصحيحة فهي فائدة العقد وثمرته.

وثالثها: في الاختلاف؛ لأنهما قد يختلفان في أصل العقد وكيفيته وتعرض لسببه أحكام يحتاج إلى الوقوف عليها. أما الأركان فلا يخفى أن التوكيل تفويض، ولا شك أن التفوبض يكون في شيء يصدر من شخص إلى شخص، ويتحصل بشيء، وهذه الأريعة التي ذكرناها، بكن جعلها أركاناً للوَكَالة كجعل البائع والمشتري والمبيع أركاناً للبيع، وفيه كلام قدمناه في البيع.

قال الغزالي: وِهَيَ أَرْبَعَةٌ الأَولُ مَا فِيه التَّوْكيِلُ وُشُرُوُطُهُ ثَلاَثَةٌ: (الأَوَّل): أَنْ يَكُونَ مَمْلوكاً لِلمُوَكِّل، فَلَو وُكِّلَ بَطَلاَقِ زَوْجِةٍ سَيَنْكِحُهَا، أَوْ بَيْعِ عَبْدٍ سَيَمْلِكُهُ فَهُوَ بَاطِلٌ.

قال الرافعي: الركن الأول ما فيه التوكيل وله شروط.

أحدها: أن يكون ما يوكل فيه مملوكاً له فلو وكل غيره في طلاق امرأة سينكحها أو بيع عبد سيملكه أو إعتاق كل رقيق يملكه فوجهان.

أحدهما: أن هذا التوكيل باطل؛ لأنه لا يتمكن من مباشرة ذلك بنفسه، فلا ينتظم منه إنابة غيره فيه.

والثاني: صحيح، ويمكن بحصول الملك عند التصرف، فإنه المقصود من التوكيل. ويجري الوجهان فيما إذا وكله بقضاء كل دين سيلزمه، وتزويج ابنته إذا انقضت عدتها أو طلقها زوجها، وما أشبه ذلك (١)، وبالوجه الثاني أجاب القَفَّالُ في "الفتاوى"، وهو الذي أورده في "التهذيب"، والأول أصح عند أصحابنا العراقيين، والامام، ولم ينقل صاحب الكتاب غيره، ويجوز أن يقال: الخلاف عائد إلى الاعتبار بحال التوكيل، أو بحال إنشاء التصرف، وله نظائر.

قال الغزالي: (الثَّانِي): أَنْ يَكُونَ قَابلاً لِلنِّيَابَةِ كَأَنْوَاعِ البيْع، وَكَالحِوَالَةِ، والضَّماَنِ، وَالكَفَالَةِ، وَالشَّرِكَةِ، وَالوَكَاَلَةِ، وَالمُضَارَبة، وَالجعَالَةِ، وَالمُسَأَقَاة، وَالنِّكَاحِ، وَالطَّلاَقِ،


(١) فيه أختلاف ترجيح فقد قال في النكاح في فتاوى البغوي، إن الذي يعتبر إذنها في تزويجها إذا قالت لوليها وهي في نكاح أو عدة أذنت في تزويجي إذا فارقني زوجي أو انقضت عدتي فينبغي أن يصح الإذن كما لو قال الولي للوكيل زوج بنتي إذا فارقها زوجها أو انقضت عدتها، وفي هذا التوكيل وجه ضعيف أنه لا يصح وقد سبق في الوكالة. قال في الخادم: ويمكن الجمع بينهما بأن يحمل قوله هذا عدم الصحة بالنسبة إلى الوكالة خاصة وقد تبطل الوكالة ويصح التصرف لمطلق الإِذن فلا ينافي بينهما وأطلق الشيخ الوجه المقابل بالصحة وكلام البغوي يقتضي تقييدة بعبد معين أو زوجة معينة وإلا فلا يصح قطعاً، وموضع البطلان إذاً لم يقع تبعاً، فلو قال: وكلتك ببيع هذا وبيع ما شاء ملكه، فإنه يصح كما أفتى به ابن رزين.

<<  <  ج: ص:  >  >>