للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالخُلْعِ، وَالصُّلْحِ، وَسَائرِ العُقُودِ، وَالفُسُوخِ، وَلاَ يَجوزُ التَّوكيلُ في العِبادَاتِ إِلاَّ في الحَج وأَداءِ الزَّكَوَاتِ، وَلاَ يَجوزُ في المَعَاصِي كَالسَّرِقَةِ وَالغَصْبِ وَالقَتْلِ بَلْ أَحكامُهَا تَلْزمُ متعاطيها، وَيلْتحِقُ بِفَنِّ العِبَادَاتِ الأَيْمَانُ وَالشَّهَادَاتُ فإِنّهَا تَتَعلَّقُ بأَلفْاَظٍ وَخَصَائصِ، وَاللِّعَانُ وَالإِيلاَءُ مِنَ الأَيْمَانِ، وَكَذَا الظِّهَار عَلَىَ رَأْيٍ، وَيجوزُ التَّوكْيلُ بقَبْضِ الحُقُوق، وفَي التَّوكْيل بإثْباتِ اليَدِ على المُبَاحَاتِ كَالاصْطيادِ وَالاسْتِقَاءِ خِلاَفٌ، وفي التَّوكْيل بِالإِقْرَارِ خِلاَفٌ لتَردُّدِهِ بَيْنَ الشَّهَادَةِ وَالالْتِزامَاتِ، ثُمَّ إِنْ لَم يَصحَّ فَفي جَعْلِهِ مقرَّاً بِنَفْسِ التَّوكْيل بالخُصُومَةِ بِرضَا الخَصْمِ وَغَيْرِ رِضَاهُ (ح)، وَباسْتِيفاءِ العُقوباتِ فيِ حُضُورِ المُسْتَحِقِّ، وفيِ غَيْبَتِهِ طَرِيقَانِ، أَحدُهُمَا المَنْعُ، وَالآخَرُ قَوْلاَنِ، وَقِيل بالَجَوازِ أَيضاً.

قال الرافعي: يشترط في الموكل فيه أن يكون قابلاً للنيابة، فإن التوكيل تفويض وإنابة، والذي يفوّض فيه التوكيل أنواع.

منها: العبادات، والأصل فيها إمتناع النيابة؛ لأن الإتيان بها مقصود من الشخص عينه ابتلاءً واختباراً، واستئني الحج للأخبار (١)، ومن جنس الصلاة ركعتي الطواف (٢)، على كلام فيهما ياتى في "الوصايا"، وتفريق الزكاة والكفارات والصدقات؛ إلحاقاً لها بسائر الحقوق المالية، وذبح الضحايا والهدايا، فإن النَّبي -صلى الله عليه وسلم- أناب فيه (٣)، وفي صوم الوليّ عن الميت خَلاَفٌ سبق في موضعه، وألحق بالعبادات الأيمان والشهادات.

قال في "الوسيط": لأن الحكم في الأيمان يتعلق بتعظيم اسم الله -تعالى- فامتنعت النيابة فيها كالعبادات، وفي الشهادات علقنا الحكم بخصوص لفظ الشهادة، حتى لم يَقُمْ غيرها مقامها، فكيف يحتمل السكوت عنها بالتوكيل؟ ومن جمله الأيمان الإيلاء، واللعان، والقسَامة، فلا يجوز التوكيل في شيء منها.

وفي الظهار وجهان، بناء على أن المغلب فيه معنى اليمين أو الطلاق، والظاهر عند المعظم منع التوكيل فيه، وذكر في "التتمة" أن الظاهر الجواز، وأن المنع مذهب


(١) راجع كتاب الحج من هذا المصنف.
(٢) للادلة المذكورة في أبوابها. قال في البحر: ولا يجوز التوكيل في غسل الميت لأنه من فروض الكفايات أي فيقع عمن باشره، وهر يقتضي أن توكيل العبد والذمي ونحوهما صحيح وأن الموكل فيه والحالة هذه كل مسلم توجب عليه الفرض.
تنبيه: قال في المطلب: صيغة الضمان والوصية والحوالة بالوكالة جعلت موكلي ضامناً لك كذا أو موصياً لك بكذا أو أحلتك بمالك على موكلي من كذا.
(٣) متفق عليه من حديث سيدنا علي رضي الله عنه. البخاري (١٧١٦ - ١٧١٨) ومسلم (١٣١٧) وأبو داود حديث (١٧٦٩) وابن ماجه (٣٠٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>