للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أجري حكمها عليه. ثم في الفصل وراء هذه الصور المبتورة مسائل:

إحداها: في التوكيل في تملك المباحات، كإحياء المَوَاتِ والاحتطاب والاصطياد والاستقاء وجهان.

أصحهما: الجواز حتى يحصل الملك للموكل، إذاً قصده الوكيل؛ لأنه أحد أسباب الملك فأشبه الشراء (١).

والثاني: المنع كالأغتنام؛ لأن الملك فيها يحصل بالحِيِازَةِ، وقد حدث من التوكيل، فيكون المِلْكُ له، ولو استأجره ليحتطب له، أو يستقي، ففي "التهذيب" أنه على الوجهين، وبالمنع أجاب القاضي ابْنُ كَجٍّ، ورأى الإمام جواز الاستئجار مجزوماً به، فقاس عليه وجه تجوير التوكيل (٢).

الثانية: في التوكيل بالأقرار وجهان، وصورته أن يقول: وكلتك لُتقَّرعني لفلان (٣):

أظهرهما: عند الأكثرين، ويحكى عن ابْنِ سُرَيْجٍ واختيار القَفَّالِ أنه لا يصح؛ لأنه إخبار عن حق، فلا يقبل التوكيل، كالشهادة، وإنما يليق التوكيل بالإنشاءات.

الثاني: يصح؛ لأنه قول يلزم به الحق، فأشبه الشراء، وسائر التصرفات، وبهذا قال أبو حنيفة -رحمه الله تعالى- فعلى الأول، هل يجعل بنفس التوكيل مقرّاً؟ فيه وجهان.

أحدهما: نعم، وبه قال ابْنُ القَاص تخريجاً، واختاره الإمام -رحمه الله تعالى- لأن توكيله دليل ثبوت الحق عليه.

وأظهرهما: عند صاحب "التهذيب": أنه لا يجعل مقرّاً، كما أن التوكيل بالإبراء لا يجعل إبراء (٤).


(١) هكذا حكاهما وجهين تقليداً لبعض الخراسانيين، وهما قولان مشهوران. ينظر الروضة ٣/ ٥٢٥.
(٢) والأصح: قوله في "التهذيب". وسلك الجرجاني في كتابه "التحرير" طريقة أخرى فقال: يجوز التوكيل في الاحتطاب ونحوه بأجرة، وفي جوازه بغيرها وجهان. ولا يجوز في إحياء الموات بلا أجرة، ويجوز بأجرة على الأصح ينظر الروضة ٣/ ٥٢٥.
(٣) ولو قال أقر عني لفلان بألف له عليّ. فهو إقرار. وإذا صححنا التوكيل فكيفية الأقرار على ما يقتضيه كلام البندنيجي أن يقول: أقررت عنه بكذا وصوره بعضهم بان يقول: جعلت موكلي مقراً بكذا. قاله في الكفاية.
(٤) قول ابن القاص أصح عند الأكثرين. وإذاً صححنا التوكيل، لم يلزمه شيء قبل إقرار التوكيل على الصحيح الذي قطع به الجمهور، وفي "الحاوي" و"المستظهري" وجه: أنه يلزمه بنفس التوكيل ينظر الروضة ٣/ ٥٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>