للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هناك راغب بأكثر من ذلك الثمن، وأجرى الوجهين في البيع من الزوج والزوجة إذا قلنا: لا نقبل شهادة أحدهما بالآخر، وكذا لو باع لمكاتبه والوجهان في الأصول والفروع المستقلين، أما ابنه الصغير، فلا يبيع منه، وكذلك لا يبيع من نفسه؛ لأنه يستقصي لنفسه وطفله في الاسترخاص، وغرض البائع الاستقصاء في البيع للاكثر وهما غرضان متضادان، فلا يتأتى من الواحد القيام بهما، وأيضاً فإن التوكيل بالبيع مطلقاً يشعر بالبيع من الغير، والألفاظ المطلقة تحمل على المفهوم منها في العرف الغالب، وفي كتاب القاضي ابْنِ كَجٍّ شيئان غريبان في المسألة:

أحدهما: أن أَبَا حَامِدٍ القاضي حكى عن الإصْطَخْرِيّ وجهاً: أن للوكيل أن من نفسه.

والثاني: أنه حكى وجهين فيما لو وكل أباه بالبيع، هل له أن يبيع من نفسه (١).

لأن للأب بيع مال ولده من نفسه بالولاية، فكذلك بالوكالة وإذا قلنا بظاهر المذهب، فلو صرح له بالإذن في بيعه من نفسه فوجهان:

قال ابْنُ سُرَيْجٍ: يجوز، كما لو أذن له في البيع من أبيه، وابنه البالغ يجوز، وكما لو قال لزوجته: طلقّى نفسك على ألف، ففعلت صح، وتكون نائبة من جهته، قابلة من جهة نفسها.

وقال الأكثرون: لا يجوز؛ لما ذكرنا من تضاد الغرضين، ولأن وقوع الإيجاب والقبول من شخص واحد بعيد عن التخاطب ووضع الكلام، وتجويزه في حق الاب كان على خلاف القياس، ولو صرح بالإذن في بيعه من ابنه الصغير، قال في "التتمة": هو على هذا الإختلاف.

وقال صاحب "التهذيب": وجب أن يجوز؛ لأن رضي بالنظر للطفل، وترك الاستقصاء، وتولى الطرفين في حق الولد معهود في الجملة، بخلاف ما لو باع من نفسه، ويجري الوجهان فيما لو وكله بالهبة، وأذن له ليهب من نفسه، أو يتزوج ابنته، وأذن له في تزويجها من نفسه، وفي تولي ابن العم طرفي النكا بأن يتزوج ابنة عمه بإذنها، حيث انتهت الولاية إليه، والنكاح أولى بالمنع؛ لما روي موقوفاً ومرفوعاً أنه عليه السلام، قال: لاَ نِكاحَ إِلاَّ بِأَربَعةٍ خَاطِبٍ وَوَلِيِّ وَشَاهِدَيْنِ (٢).

وكذا فيما إذا وَكَّلَ مستحق الدَّين المديون باستيفائه من نفسه، أو وكل مستحق القِصَاصِ الجاني باستيفائه من نفسه.


(١) سقط في ب.
(٢) سيأتي في النكاح.

<<  <  ج: ص:  >  >>