إما في النفس أو في الطرف، أو وكل الإمام السارق ليقطع يده، وحكى الإمام رحمه الله اجراءه؛ فيما لو وكّل الزاني لجلد نفسه، واستبعده من جهة أنه متهم الأمام، بخلاف القطع إذ لا مدخل للتهمة فيه، وظاهر المذهب في الكل المنع، وفي التوكيل بالخصومة من الجانبين وجهان أيضاً.
أحدهما: الجواز لأنه يتمكن من أقامة البنية للمدعي ثم من إقامة البينة الدافعة للمدعى عليه
وأصحهما: المنع لما فيه اختلاف غرض كل واحد منهما، فإنه يحتاج إلى التعديل من جانب وإلى الجرح من جانب، وعلى هذا فإليه الخيرة يخاصم أيهما شاء، ولو توكل رجل في طرفي النكاح، أو البيع اطراد الوجهان:
ومنهم من قطع بالمنع لو وكل مَنْ عليه الدَّين بإبراء نفسه، ففيه طريقان:
أحدهما: التخريج على الوجهين.
والثاني: القطع بالجواز وهما مبنيان على أنه هل يفتقر إلى القبول إن قلنا: نعم جرى الوجهان وإن قلنا: لا قطعنا بجواز كما لو وكل من عليه القصاص بالعفو والعبد بإعتاق نفسه، والوكيل بالشراء، كالوكيل بالبيع في أنه لا يشتري من نفسه، ولا من مال ابنه الصغير، ويخرج شراؤه لابنه البالغ على الوجهين في سائر الصور (١).
وقوله في الكتاب:"أجراه ابْنُ سُرَيجٍ في تولى ابن العم طرفى النكاح" اتبع فيه ما رواه الإمام، فإنه نسب طرد الخلاف فيها إلى ابْنِ سُرَيْجٍ، ورأيت للحناطي نحو ذلك، وعامة الكتب ساكتة عنه.
قال الرافعي: إذا أذن للوكيل في البيع إلى أجل، نظر إن قدر الأجل صح التوكيل، وإِن أطلق فوجهان:
(١) قال النووي: وإذا وكل الابن الكبير أباه في بيع، لم يجز أن يبيع لنفسه على الأصح. وحكي في "الحاوي" وجهاً: أنه يجوز تغليباً للأبوة، كما لو كان في حجره. ينظر الروضة ٣/ ٥٣٩.