الثانية: لو وكله ببيع أو شراء فاسد، مثل أن يقول: بيع أو اشتر إلى وقت العطاء، أو قدوم زيد لم يملك الوكيل العقد الصحيح؛ لأن الموكل ما أذن فيه، ولا الفاسد لأن الشرع ما أذن فيه.
وعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه يملك الصحيح والله أعلم.
قال الغزالي: السَّابِعَةُ إِذَا سَلَّمَ إِلَيهِ أَلْفَاً وَقَالَ: اشْتَرِ بِعَيْنِهِ شَيْئًا فَاشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ لَمْ يَقَعْ عَنِ المُوَكِّلِ، وَإِنْ قَالَ: اشْتَرِ فِي الذِّمَّةِ وَسَلَّم الألْفَ فَاشْتَرَى بِعَيْنِهِ فَفِي صِحَّتِهِ وَجْهَانِ.
قال الرافعي: لو سلَّم إليه ألفاً، وقال: اشْتَرِ كذا بعينه، فاشترى في الذمة لينقد ما سلمه إليه في ثمنه، لم يصح الشراء للموكل؛ لأنه أمره بعقد ينفسخ لو تلف ما سلمه إليه، وقد لا يريد لزوم ألف آخر، والوكيل أتى لعقد لا ينفسخ لو تلف ما سلم إليه، ويلزم الرد ولو قال: اشتر في الذمة، وسلم هذا في ثمنه، فاشترى بعينه، فوجهان:
أحدهما: أنه يصح للموكل؛ لأنه زاد خيراً حيث عقد على وجه لو تلف المسلم إليه لم يلزمه شي آخر.
واصحهما: المنع, لأنه ربما يريد حصول ذلك المبيع لو سلم ما يسلمه إليه أو تلف، ولو سلمه إليه، وقال: اشتر كذا, ولم يقل بعينه، ولا قال: في الذمة فوجهان: أحدهما: أنه كما لو قال: اشتر بعينه, لأن قرينة التسليم تشعر به.
وأظهرهما: أن الوكيل يتخير بين أنْ يشتري بعينه، أو في الذمة؛ لأنه على التقديرين يكون إتياناً بالمأمور، ويجوز أن يكون غرضه من تسليمه إليه مجرد انصرافه إلى ثمن ذلك الشيء. (١)
قال الغزالي: ثُمَّ الوَكِيلُ مَهْمَا خَالَفَ فِي البَيْعِ بَطَلَ تَصَرُّفُهُ، ومَهْمَا خَالَفَ فِي الشِّرَاءِ بِعَينِ مَالِ المُوَكِّلِ فَكَمِثْلِ، فَإِنِ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ وَقَعَ عَنِ الوَكِيلِ إِلاَّ إِذَا صَرَّحَ بِالإِضَافَةِ إِلِيَ المُوَكِّلِ فَفِي وُقوعِهِ عَنِ الوَكِيلِ وَجْهَانِ.
قال الرافعي: لما تكلم فيما أراد من صور مخالفة الوكيل الموكل، وموافقته بين حكم البيع، والشراء إذا وقعا مخالفين لأمر الموكل.
(١) قال النووي: وإذا قال: اشتر في الذمة وسلمه فيه، فاشتري للموكل في الذمة، ونقد الوكيل الثمن من ماله، برئ الموكل من الثمن، ولا يرجع عليه الوكيل بشيء؛ لأنه متبرع بقضاء دينه، ويلزمه رد الألف المعينة إلى الموكل، صرح به الماوردي وغيره، وهو ظاهر ينظر الروضة ٣/ ٥٥٣.