إلى يده، فأراد أن يشتري بها للموكل، فهو على الخلاف المذكور في أن الوكيل هل ينعزل بالتعدي؟.
الأصح: أنه لا ينعزل، ولا يكون ما اشتراه مضموناً عليه؛ لأنه لم يتعدَّ فيه، ولو رد ما اشتراه بعينه، واسترد الثمن عاد مضموناً عليه، ومتى طالب الموكل برد ماله، فعليه أن يخلي بينه وبينه، فإن امتنع، صار ضامناً كالمودع المقصود.
الثاني: الكلام في العهدة، ونقدم عليه أصلين:
أحدهما: أن الوكيل بالشراء إذا اشترى لموكله ما وكله بشرائه، فالمِلْكُ يثبت للوكيل، ثم ينتقل إلى الموكل أم يثبت للموكل ابتداء؟ فيه وجهان لابن سُرَيْجٍ:
أحدهما: وبه قال أبو حنيفة -رحمه الله تعالى- أنه يثبت للوكيل أولاً، ثم ينتقل إلى الموكل؛ لأن الخطاب جرى معه، وأحكام العقد تتعلّق به.
وأصحهما: أنه يثبت للموكل ابتداء، كما لو اشترى الأب للطفل يثبت الملك للطفل ابتداء، ولأنه لو ثبت للوكيل لعتق عليه أبواه إذا اشتراه لموكله، ولا يعتق.
الأصل الثاني: أن أحكام العقد في البيع والشراء تتعلق بالوكيل، دون الموكل حيث يعتبر رؤية الوكيل دون الموكل، ويلزم بمفارقة الوكيل مجلس العقد، ولا يلزم بمفارقة الموكل، إن كان حاضرًا، وتسليم رأس المال في السلم والتقابض، حيث يشترط التقابض يعتبران قبل مفارقة الوكيل، والفسخ بخيار المجلس، وخيار الرؤية إن أثبتناه ثبت للوكيل دون الموكل، حتى لو أراد الموكل الإجازة كان للوكيل أن يفسخ، كذا ذكره في "التتمة"، وفرق بينه وبين خيار العيب، حيث قلنا: لا رد للوكيل إذا رضي الموكل بما لا يكاد تسكن النفس إليه.
إذا تقرر ذلك، في الفصل مسائل:
إحداها: إذا اشترى الوكيل بثمن معين نظر إن كان في يده طالبه البائع به، وإلاَّ فلا، وإذا اشترى في الذمة، فإن كان للموكل قد سلم إليه ما يصرفه إلى الثمن طالبه البائع، وإن لم يسلم، نظر إن انكر كونه وكيلاً، أو قال: لا أدري، هل هو وكيل طالبه به، وإن اعترف بوكالته فمن الذي يطالبه البائع بالثمن؟ فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أن المطالب الوكيل لا غير؛ لأن أحكام العقد تتعلق به والإلتزام وجد منه.
والثاني: أن المطالب الموكل لا غير؛ لأن العقد له والوكيل سفير ومعبر.
والثالث: أنه يطالب من شاء منهما نظراً إن المعينين، وهذا أظهر عند صاحب "التهذيب"، والإمام وغيرهما، وإن يرجح صاحب الكتاب الأول.