التفريع: إن قلنا بالأول، فهل للوكيل مطالبة الموكل قبل أن يغرم؟ فيه وجهان، لأن بعضهم قال يثيبت الثمن للبائع على الوكيل، وللوكيل مثله على الموكل بناء على أن الوكيل يثبت له الملك، ثم ينتقل إلى الموكل، فعلى هذا للوكيل مطالبته بما ثبت له، وإن لم يؤدّ ما عليه.
وقال آخرون: ينزل الوكيل منزلة المحال عليه، الذي لا دين عليه، فعلى هذا ففي رجوعه قبل الغرم وجهان كالمحال عليه والأصح المنع، وإِذا غرم الوكيل للبائع، فقياس تنزيله منزلة المحال عليه الذي لا دين عليه، خلاف المذكور هناك في أنه هل يشترط في الرجوع كون الأداء بالإذن وشرط الرجوع؟
وذكر في "النهاية" أن المذهب القطع بالرجوع وإلاَّ لخرج المبيع عن أن يكون مملوكاً للموكل بالعوض، وفي ذلك تغيير لوضع العقد.
وإن قلنا بالوجه الثالث، فالوكيل كالضمامن، والموكل كالمضمون عنه فيرجع الوكيل إذا غرم، والقول في اعتبار شرط الرجوع، وفي أنه هل يطالبه بتخليصه قبل الغرم، كما سبق في "الضمان".
وحكى الإمام أن ابن سُرَيْجٍ فرع على الخلاف في المسألة، فقال: لو سلم دراهم إلى الوكيل ليصرفها إلى الثمن الملتزم في الذمة ففعل ثم ردها البائع عليه بعيب.
فإن قلنا بالوجه الثاني والثالث، فعلى الوكيل رد تلك الدراهم بأعيانها إلى الموكل، وليس له إمساكها وإبدالها.
وإن قلنا بالوجه الأول، فله ذلك؛ لأن ما دفعه إليه على هذا الوجه، كأنه أقرضه منه لتبرأ ذمته، فإذا عاد إليه، فهو ملكه، وللمستقرض إمساك ما استقرضه، ورد مثله فهو ملكه، ولك أن تقول: لا خلاف أن للوكيل أن يرجع على الموكل في الجملة، وإنما الكلام في أنه متى يرجع؟ وبأي شيء يرجع؟ وإذا كان كذلك، فيتجه أن يكون تسليم الدراهم دفعاً له، وبه التراجع لا إقراضاً.
المسألة الثانية: للوكيل بالبيع إذا قبض الثمن، إِما بإذن صريح، أو بالإذن في البيع على رأي، وتلف المقبوض في يده، وخرج المبيع مستحقّاً، والمشتري معترفٌ بالوكالة، فحق رجوعه بالثمن يكون على الوكيل؛ لأنه الذي يتولى القبض، وحصل التلف في يده، أو على الموكل؛ لأن الوكيل سفير، ويده يده أو على من شاء منهما فيه الأوجه الثلاثة السابقة.
فإن قلنا: حق الرجوع على الموكل، فإذا غرم لم يرجع على الوكيل، وكذا إذا جعلناه على الوكيل، فغرم لا يرجع على الموكل قاله الإمام.