للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن قلنا: يرجع على مَنْ شاء منهما فثلاثة أوجه:

أشهرها: أنه إن غرم الموكل لم يرجع على الوكيل، وإن غرم الوكيل رجع على الموكل, لأن الموكل قد غر الوكيل، والمغرور يرجع على الغَارّ دون العكس.

والثاني: أن واحداً منهما لا يرجع على الآخر، أما الموكل فلأنه غارم، وأما الوكيل فلحصول التلف في يده.

الثالث: أن الموكل يرجع على الوكيل، دون العكس لحصول التلف في يد الوكيل، والذي يعني به من هذه الأختلافات أن المشتري يغرم من شاء منهما، والقرار على الموكل، ولذلك اقتصرنا على هذا الجواب في عزل الراهن، وإن كان يطرد فيه الخلاف.

الثالثة: وهي مقدمة على الثانية في الكتاب: الوكيل بالشراء إذا قبض المبيع، وتلف في يده، ثم تبين أنه كان مستحقاً لغير البائع، فللمستحق مطالبة البائع بقيمة المبيع، أو مثله لأنه غاصب، ومن يده خرج المال، وفي مطالبة الوكيل، والموكل الأوجه الثلاثة.

قال الإمام رحمه الله تعالى: وألا قيس في المسألتين أنه لا رجوع له إِلا على الوكيل لحصول التلف عنده، ولأنه إذا ظهر الاستحقاق بانَ فساد العقد، وصار الوكيل قابضاً ملك الغير، بغير حق، ويجرى الخلاف في القرار في هذه الصورة أيضاً.

الرابعة: ولم يذكرها في الكتاب: الوكيل بالبيع إذا باع بثمن في الذمة، واستوفاه ودفعه إلى الموكل، فخرج مستحقّاً أو معيباً، ورده فللموكل أن يطالب المشتري بالثمن، وله أن يغرم الوكيل, لأنه مسلماً للمبيع قبل أخذ عوضه، وفيما يغرمه وجهان.

أحدهما: قيمة العين؛ لأنه فوت عليه العين.

والثاني: لأن حقه انتقل من العين إلى الثمن بالبيع، فإن قلنا بالأول، فإذا أخذ منه القيمة طالب الوكيل المشتري بالثمن، فإذا أخذه دفعه إلى الموكل، واسترد القيمة والله أعلم.

الخامسة: دفع إليه دراهم ليشتري له بعينها عبداً، ففعل، وتلف في يده قبل التسليم انفسخ البيع، ولا شئ على الوكيل، وإِن تلف قبل الشراء ارتفعت الوكالة، ولو قال: اشتر في الذمة، واصرفها إلى الثمن الملتزم، فتلف في يد الوكيل بعد الشراء لم ينفسخ العقد، لكنه ينقلب إلى الوكيل، ويلزمه الثمن، أو يبقى للموكل، وعليه أن يأتى بمثلها فيه وجهان:

قال القَفَّالُ: ووجه ثالث يحتمل، وهو أن يعرض الحال على الموكل، فإن رغب

<<  <  ج: ص:  >  >>