للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في البيع مطلقاً، أو حالاً، فإن أذن في التسليم قبل قبض الثمن، أو أذن في البيع بثمن مؤجل، وتنازعا في القبض بعد الأجل فهاهنا لا يكون خائناً بالتسليم قبل القبض، والاختلاف كالاختلاف قبل التسليم، فإذا صدق الوكيل، فحلف فهل تبرأ ذمة المشتري؟ فيه وجهان:

أحدهما: نعم؛ لأنا قبلنا قول الوكيل في قبضه الثمن، فاكتفى بموجبه.

والثاني: لا؛ لأن الأصل عدم الأداء، وإنما قبلنا من الوكيل في حقه لائتمانه إياه، وهذا أصح عند صاحب "التهذيب"، والأول أصح عند الإمام، وعلى الأول، فإذا خلف الوكيل، وبرأنا المشتري، ثم وجد المشتري بالمبيع عيباً، فإن رده على الموكل، وغرم الثمن لم يكن له الرجوع على الوكيل لاعترافه بأن الوكيل لم يأخذ شيئاً، وإن رد على الوكيل، وغرمه لم يرجع على الموكل، والقول قوله مع يمينه في أنه لم يأخذ شيئاً، ولا يلزم من تصديقنا الوكيل في الدفع عن نفسه بثمنه، أن تثبت بها حقّاً على غيره، ولو خرج المبيع مستحقّاً.

قال في "التهذيب": يرجع المشتري بالثمن على الوكيل؛ لأنه دفعه إليه، ولا رجوع له على الموكل لما مر، ولو اتفقا على قبض الوكيل الثمن، فقال الوكيل: دفعته إليك، وقال الموكل: بل هو باقٍ عندك، فهو كما لو اختلفا في رد المال المسلم إليه، والظاهر أن القول قول الوكيل، ولو قال الموكل: قبضت الثمن، فادفعه لي، وقال الوكيل: لم أقبضه بعد، فالقول قول الوكيل مع يمينه، وليس للموكل طلبه (١) الثمن، فهو متعدٍ بفعله وللموكل أن يغرمه قيمة المبيع والله أعلم.

قال الغزالي: "الثَّاَلثُ" إِذا وَكَّلَهُ بقَضَاءِ الدَّيْنِ فَلْيَشْهَدْ فَإِنْ قَصَّرَ ضَمِنَ بِتَرْكِ الإِشْهَادِ، وَكَذا قَيِّمُ اليَتيِمِ لاَ يُصَدَّقُ (و) في دَعْوَى رَدِّ المَالِ، قَالَ الله تَعَالى: {فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ}، وَمَن يُصَدَّقُ في الرَّدِّ إِذَا طُولِبَ بِالرَّدِّ هَلْ لَهُ التَّأخِيرُ بِقَدْرِ الإِشْهِادِ؟ وَجْهِانِ.

قال الرافعي: ذكر في أول الباب أن نزاع الموكل والوكيل في ثلاثة مواضع:

وثالثها في "الوسيط": النزاع في القبض، وهو ما سبق في الفصل المتقدّم على هذا الفصل وهاهنا جعل الثالث مما يشرع فيه الآن، وترتيب "الوسيط" أحسن؛ لأن أكثر المسائل من هذا الموضع إلى آخر الباب لا تعلق له بالاختلاف، وفي الفصل ثلاث صور:


(١) في ب: من المشتري لاعترافه بأن وكيله قد قبض، نعم لو سلم الوكيل المبيع حيث لا يجوز التسليم قبل قبض.

<<  <  ج: ص:  >  >>