رب المال عما قبله، وكل من ذكرناه هاهنا، وهناك فيما إذ ادعى الأمين الرد على من ائتمنه، أما إذا ادعى الرد على غيره، فقد ذكره صاحب الكتاب في "الوديعة" وستأتي إن شاء الله تعالى، ومن مسائله دعوى القيم الرد على اليتيم الذي كان يقوم بأمره، وهي مذكورة في هذا الباب من بعد.
ومنها: أن يدعي الوكيل الرد على رسول الملك؛ لاسترداد ما عنده، فلا خلاف في أن الرسول إذا أنكر القبض كان القول قوله مع يمينه، وأما الوكيل فالمذهب أنه لا يلزمه تصديق الوكيل, لأنه يدعي الرد على مَنْ لم يأتمنه، فليقم البينة. وفي وجه عليه التصديق, لأنه معترف برسالته، ويدِ رسوله يده، فكأنه ادعى الرد عليه.
قال الرافعي: إذا وكل وكيلاً باستيفاء دَيْنٍ له على إنسان، فقال: استوفيته، وأنكر الموكل، نظر إن قال: استوفيته، وهو قائم في يدي، فخذه فعليه أخذه، ولا معنى لهذا الاختلاف ولو قال: وتلف في يدي، فالقول قول الموكل مع يمينه على نفي العلم باستيفاء الوكيل, لأن الأصل بقاء حقه، فلا يقبل قول الوكيل والمديون إلاّ ببينة، هذا ظاهر المذهب وجعله بعضهم على الخلاف المذكور فيما اختلفا في البيع ونحوه، وعلى الأول، فإذا حلف الموكل أخذ حقه ممن كان عليه، ولا رجوع له على الوكيل لاعترافه أنه مظلوم، ولو وكله بالبيع، وقبض الثمن، أو البيع مطلقاً، وقلنا: الوكيل بالبيع يملك قبض الثمن، واتفقا على البيع، واختلفا في قبض الثمن، فقال الوكيل: قبضته، وتلف في يدي، وأنكر الموكل، فهذه مسألة الكتاب، وفي معناها ما إذا قال: قبضته ودفعته إليك، فأنكر الموكل القبض، ففي المصدق منهما طريقان:
أحدهما: أنه على الخلاف المذكور في البيع، وسائر التصرفات.
وأظهرهما: أن هذا الاختلاف إنْ كان قبل تسليم المبيع، فالقول قول الموكل، كما في المسألة السابقة، وإن كان بعد تسليمة، فوجهان:
أحدهما: الجواب هكذا؛ لأن الأصل بقاء حقه.
وأصحهما: وبه قال ابْنُ الحَدادِ: أن القول قول الوكيل؛ لأن الموكل ينسبه إلى الخيانة قبل قبض الثمن، ولزوم الضمان، والوكيل ينكر، فأشبه ما إذا للموكل: طالبتك برد الثمن الذي دفعته إليك، أو بثمن المبيع الذي قبضته، فامتنعت مقصراً إلى أن تلف، فقال الوكيل: لم تطالبني، ولم كن مقصراً، فإن القول قوله، وهذا التفصيل فيما إذا أذن