للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالشُّروع، والفريضة تلزم، وهذا الوجه حكاه إمام الحرمين -قَدَّس الله روحه- عن ابن سريج -رحمه الله- فعلى الأولى الأصح، لو كان قد شرع فيها من غير تعيين عدد في نِيَّته لم يزد على ركعتين نص عليه؛ لأن الأولى في النَّوافل أن تكون مَثْنَى مَثْنَى، فليسلم عن ركعتين، وليصل بالوضوء.

وعن القاضي الحسين أن له أن يَزِيدَ ما شاء، وإن كان قد نوى رَكْعَةً أو ركعتين فلا يزيد على ما نوى؛ لأنَّ الزيادة كافتتاح نافلة بعد وجود الماء، ألا ترى أنه يفتقر الزِّيادة إلى قصد جديد.

وعن القفال: أنه يجوز أن يزيد ما شاء؛ لأن حرمة تلك الصلاة باقية ما لم يسلم، بخلاف ما لو سلم، وأراد افْتِتَاح نافلة أخرى، ولو نوى عدداً فوق الركعتين، ثم رأى الماء، فهل يستوفي ما نواه أم يجب الاقتصار على ركعتين؟ فيه وجهان:

أظهرهما: أن له أن يستوفي ما نواه؛ لأن إحرامه انعقد لذلك العدد، فأشبه المكتوبة المقدرة، وعلى هذا ففي جواز الزيادة على المنوي الوجهان المذكوران، في جواز الزيادة على الركعتين إذا نواهما، وأصل هذه المسألة (١) أن المُصَلِّي مستقل من زيادة الركعات، ونقصانها في النَّوافل المطلقة كيف شاء، وسيأتي ذلك في موضعه إن شاء الله تعالى. فإذا وقفت على ما ذكرنا فعد إلى ألفاظ الكتاب واعلم أن قوله: "أنه يبطل برؤية الماء قبل الشروع في الصَّلاَةِ (٢)، وإن كان مطلقاً مشروط بشرطين:

أحدهما: أن يكون ذلك التَّيمم غير تيمم المريض، ونحوه.

والثاني: اْلا يقارن رؤية الماء مانع، يرخص في ابْتِدَاء التَّيمم على ما بيناهما.

وقوله: "ولا تبطل برؤْية الماء بعد الشُّروع فيها"، مقيد بما إذا كانت الصلاة مغنية عن القضاء، وإلا فهي باطلة على الأصح، ولا بد من اسْتِثْنَاءِ الصورتين المذكورتين من قبل أيضاً.

وقوله: "ولكن المصلّي إذا رأى الماء" لا يتعلق بقوله: "ويبطل بظن وجود الماء قبل الشروع" وإن كان مذكوراً عقيبه؛ بل بقوله: "لا تبطل بعد الشّروع فيها"، والوجوه الثلاثة التي ذكرها في أن الأولى ماذا، كلها مبنية على أنه يجوز له الخروج، وترك الفريضة، والذي يقابله قوله: "وفي وجه يلزمه المضي، ولا يجوز الخروج"، وليس في الجمع بين هاتين العِبَارَتَيْنِ سوى الإيضاح، وقوله: "وعلى هذا لو كان في نافلة بطلت"، لأنها غير مانعة، يعني به أَنَّا إذا قلنا بوجوب المضي في الفريضة، إنَّما نقول به لحرمة الفريضة، وليس لِلنَّافلة حرمة ما نعمة من الخروج، فتبطل.


(١) في ب: المسائل.
(٢) في ب: في فصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>