للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذا لو قال: استوفيت ما أمرتني باستيفائه، ونازعه الموكل.

ومنها: أن إنشاء نكاح البنت إلى وليها، فإقراره غير مقبول، ويمكن أن يزاد فيه، فيقال: ينفذ إقرار الإنسان في التصرفات المتعلّقة به التي يستقل بإنشائها أو يقال: ما يقدر على إنشائه ويؤاخذ المقر بموجب الإقرار به، ولا يلزم نفوذه في حق الغير، فتخرج المسائل.

وأما المحجور، فقد ذكرنا في "كتاب الحجر"، أقسامه، فمنها حجر الصبي، وأقاريره لا غية، خلافاً لأبي حنيفة رحمه الله تعالى، حيث قال: إن كان مميزًا مأذونًا من جهة الولي، صح إقراره، كتصرفاته (١) ولنا قول في صحة تدبيره، ووصيته، فعلى ذلك القول يصح إقراره بهما, ولو ادعى أنه بلغ بالاحتلام، أو ادعت الجارية البلوغ بالحيض في وقت إمكانها، وقد سبق بيانه صدقا، وإن فرض ذلك في خصومة لم يحلفهما؛ لأنه لا يعرف ذلك إلاَّ من جهتهما، فأشبه ما إذا علق العتق على مشيئة الغير فقال: شئت يصدق من غير يمين، وأيضاً فإنهما إن صدقاء، فلا تحليف، وإن كذبا، فكيف يحلفان؟ واعتقاد المكذب أنهما صغيران، قرب الإمام رحمه الله تعالى المسألة من الدائرات الفقهية، فإن في تحليفه تصديق الصبي، وبتصديق الصبي لا يحلف، فإذًا لو حلف لما حلف، هذا ما نقله صاحب الكتاب وشيخه، وبه قال الشيخ أبو زيد، وعلى هذا فإذا بلغ مبلغاً تيقن بلوغه.

قال الإمام رحمه الله تعالى الظاهر أنه لا يحلف أيضاً على أنه كان بالغًا حينئذ؛ لأنا إذا حكمنا بموجب قوله، فقد أنهينا الخصومة نهايتها، فلا عود إلى تحليفه.


(١) واحتج من نصر قوله بما روي عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال لعمرو بن أبي سلمة: "قم يا غلام فزوج أمك". (النسائي ٦/ ٨١)، وعزاه الزيلعي لأحمد وابن راهويه وأبي يعلى في مسانيدهم وابن حبان في صحيحه وكان سنه يست سنين، قالوا أن عقده بالتوكيل صح ما أمره النبي الله أن يزوج أمه قيل الجواب عن ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم-: "رفع القلم عن ثلاث، عن الصبي حتى يبلغ" إلخ. (البخاري معلقاً ٩/ ٣) (وأبو داود ٤/ ٥٦٠) (٤٤٠٣)، (والترمذي ٤/ ٣٢) (١٤٢٣).
فقد ثبت أنه لا تكليف عليه، فلو جاز إقراره وعقوده، حكم بتكليفة، وهذا لا يجوز، وما استدلوا به من الحديث أن الغلام كان سنة ستاً أو سبعاً فهو عمرو بن سلمة السلمي الذي وأمره النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يؤم قومه من بني سلمه.
أما الغلام المذكور في الحديث لم ينقل لهذا سن فجاز أن يكون بالغًا ولهذا أمره النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يزوج أمه ولو كان الأمر كما ذكروه لم تكن فيه دلالة وإن قوله: "قم يا غلام" ولاية في النكاح، والابن لا يزوج أمه عندنا ولا يصح عندهم، وإن صح عندهم فإنما يجوز إذاً أذن له وليه ولم يكون النبي -صلى الله عليه وسلم- وليه في ذلك الوقت.
الاعتناء في الفرق والاستثناء/ كتاب الإقرار.

<<  <  ج: ص:  >  >>