للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المشتري، ويعتبر في المقرّ له شرط آخر، وهو أن يكون معيناً، فلو قال لإنسان أو لواحد من بني آدم أو من أهل البلد: عليّ ألف، هل يصح إقراره؟

خرّجه الشيخ أبُو عَليٍّ عَلَى وجهين، بناء على أنه إذا أقر لمعين بشيء، وكذبه المقر له، هل يخرج من يده؟

إن قلنا: نعم؛ لأنه مال ضائع، فكذا هاهنا ويفيد الإقرار.

وإن قلنا: لا، لم يصح هذا الإقرار، وهو الصحيح.

قال في "التتمة" ولو جاء واحد، وقال: أنا الذي أردتني، ولي عليك الألف، فالقول قول المقر مع يمينه في نفي الإرادة، ونفي الألف، ويخالف الإقرار على هذا الإبهام، ما إذا قال: غصبت هذا من أحد هذين الرجلين، أو هؤلاء الثلاثة حيث يعتبر ذلك ما سنذكره، ونفرعه من بعد، والفرق أنه إذا قال هو لأحد هذين، فله مدع وطالب، فلا يبقى في يده مع قيام الطالب، واعترافه بأنه ليس له.

وإذا قال لواحد من بني آدم فلا طالب له، فيبقى له في يده، وكان الشرط أن يكون المقرّ له معيناً ضرب تعيين، تتوقع معه الدعوى والطالب.

قال الغزالي: (الرُّكْنُ الثَّالثُ): المُقَرُّ بِهِ وَلاَ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا بَلْ يَصِحُّ الإِقْرَارُ بِالمَجْهُولِ، وَلاَ أَنْ يَكُونْ مَمْلُوكًا لِلمُقِرِّ بَلْ لَوْ كَانَ ملكا بَطُلَ إِقْرَارُهُ، فَلَوْ قَالَ: دَارِي لِفُلاَنٍ أَوْ مَالي لِفُلاَنٍ فَهُوَ مُتَنَاقِضٌ، وَلَوْ شَهِدَ الشَّاهِدُ أنَّهُ أَقَرَّ لَهُ وَكَانَ مِلكُهُ إِلَى أَنْ أَقَرَّ كَانَتِ الشَّهَادَةُ باطلة، وَلَوْ قَالَ: هَذِهِ الدَّارُ لِفُلاَنٍ وَكَانَتْ مِلْكِي إلى وَقْتِ الإِقْرَارِ آخَذْنَاهُ بِأَوَّلِ كَلاَمِهِ وَلَمْ نَقْبَلْ آخِرَهُ.

قال الرافعي: لا يشترط أن يكون المقر به معلومًا، بل يصح الإقرار بالمجاهيل على ما سيأتي، ولا أن يكون مملوكًا له حين يقر [بل الشرط في الإقرار بالإعيان أن لا يكون مملوكًا له حين يقر] لأن الإقرار ليس إزالة ملك، وإنما هو إخبار عن كونه مملوكًا للمقر له، فلا بُدَّ من تقدُّم المخبر به على الخبر، فلو قال: داري هذه، أو ثوبي الذي أملكه لفلان، فهو متناقض (١)، والمفهوم منه الوعد بالهبة، ولو قال: مسكني هذا لفلان يكون إقرارًا؛ لأنه أضاف إلى نفسه السّكني، وقد يسكن ملك الغير ولو شهدت بينة على أن فلانًا أقر أن له دار كذا، وكانت ملكه إلى أن أقر كانت الشهادة باطلة نص عليه، ولو قال المقر: هذه الدار لفلان، وكانت ملكي إلى وقت الإقرار فإقراره نافذ والذي ذكره


(١) ذكر البغوي في الفتاوى أنه لو قال أردت الإقرار قبل منه لأنه يريد بذلك إضافة السبكي والعارية أو الإجارة في الثوب.

<<  <  ج: ص:  >  >>