قال الرافعي: قوله: "يشترط أن يكون المقر به تحت يده، وتصرفه أراد به أنه إذا لم يكن تحت يده لم يسلطنا إقراره على الحكم بثبوت الملك للمقر له، بل يكون ذلك دعوى، أو شهادة، وليس معناه: أنه يلغو قوله من كل وجه، بل لو حصل المقرّ به في يده يوماً من الدهر في يده يؤمر بتسليمه إليه فلو قال: العبد الذي في يد زيد هو مرهون عند عمرو بكذا، ثم حصل العبد في يده، يؤمر ببيعه في دين عمرو، ولو أقر بحرية عبد في يد غيره، أو شهد بحريته، فلم تقبل شهادته لم يحكم بحريته في الحال، ولو أقدم المقر على شرائه، صح تنزيلاً للعقد عَلَى قول من صدقه الشرع، وهو صاحب اليد البائع، ويخالف ما إذا قال: فلانة أختي من الرضاع، ثم أراد أن ينكحها لا نمكنه منها؛ لأن في الشراء غرض استنقاذه من أسر الرِّق، ومثل هذا الغرض لا يوجد هناك، فيمنع من الاستمتاع بفرج اعترف بأنه حرام عليه، ثم إذا اشتراه حكم بحرية العبد، وأمر برفع اليد عنه، ثم للإقرار حالتان:
إحداهما: أن تكون الصيغة أنك أعتقته، وتسترقه ظلمًا، وهي التي تكلم بها في الكتاب، فالعقد الجاري بينه، وبين البائع ما حكمه أهو شراء أم افتداء؟
حكى الإمام صاحب الكتاب فيه أوجهًا ثلاثة:
أصحها: أنه بيع من جهة البائع، وافتداء من جهة المقر.
والثاني: أنه بيع من الجانبين.
والثالث: أنه افتداء من الجانبين، وهذا الثالث مما ينبو الطبع عنه في جانب البائع، وكيف يتنظم أن يقال: إنه يأخذ المال لينقذ من يسترقه ويعرفه حرًا يفتديه، بل لو قيل فيه المعنيان جميعاً، والخلاف في أن الأغلب منهما ما إذا كان، أو بما رآه، والمعتمد الذي رواه الأكثرون أنه بيع من جانب البائع لا محالة، ومن جانب المشتري وجهان:
أحدهما: أنه شراء، كما في جانب البائع.
وأصحهما: أنه افتداء لاعترافه بحريته، وامتناع شراء الحر، وينبني على هذا الخلاف الكلام في ثبوت الخيار في هذا العقد.
أما البائع، فيثبت له خيار المجلس، والشرط بناء على ظاهر المذهب في أنه بيع من جانبه، ولو كان البيع بثمن معين، فخرج معيبًا، ورده كان له أن يسترد العبد، بخلاف ما لو باع عبداً، أو أعتقه المشتري، ثم خرج الثمن المعين معيبًا، ورده حيث لا نسترد العبد، بل يعدل إلى القيمة لاتفاقهما على العتق هناك.
وأما المقر المشتري، فإِن جعلناه شراءً في حقه فيه الخيار، وإن جعلناه فداء،