للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبدل الخلع إلاَّ للزوج، وأرش الجناية إلاَّ للمجني عليه، نعم لو كانت الجناية على عبد، أو مال آخر، جاز أن يقر به الغير لاحتمال كونه له يوم الجناية.

قال الأئمة: هذه الديون، وإن لم يتصور فيها الثبوت للغير ابتداءًا وتقديرًا بوكالة، ولكن يجوز انتقالها إلى الغير بالحوالة، وكذلك في البيع على قوله، فيصح الإقرار بها عند احتمال جريان الناقل، وحملوا ما ذكره صاحب "التلخيص" على ما إذا أقر بها عقيب ثبوتها، يحيث لا يحتمل جريان الناقل، لكن سائر الديون كذلك، فلا ينتظم الاستثناء بها، بل الأعيان أيضاً يرتد المستثنى به حتى لو أعتق عبده، ثم أقر له السيد، أو غيره عقيب العتق بدين، أو عين لم يصح؛ لأن أهلية الملك لم تثبت له، إلاَّ في الحال، ولم يجر بينهما ما يوجب المال، وزاد أبُو العَبَّاسِ الجُرْجَانِيُّ في الفصل شيئاً، فقال: إن أسند الأقارير الثلاثة إلى جهة حوالة، أو بيع، إِن جوزناه، فذاك، وإلاَّ فعلى قولين، بناء على ما لو أقر للحمل بمال وأطلق.

قال الغزالي: نَعَمْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ المُقَرُّ بِهِ تَحتَ يَدِهِ وَتَصَرُّفهِ، فَلَوْ أَقرَّ بِحُرِّيَّةِ عَبْدٍ في يَدِ غَيْرِهِ لَمْ يُقْبَلْ، فَلَوْ أَقْدَمَ عَلَى شِرَائِهِ صَحَّ تَعْوِيلاً عَلَى قَوْلِ صَاحِبِ اليَدِ، ثُمَّ قِيلَ شِراءٌ، وَقِيلَ: إِنَّهُ فِدَاءٌ مِنْ جَانِبِهِ بِيْع من جَانِبِ البَائِعِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ خِيَارَ الشَّرْطِ وَالمَجْلِسِ لاَ يَثْبُتُ فِيهِ، كَمَا لاَ يَثْبُتُ في بَيْعِهَ عَبْدَهُ مِنْ نَفْسِهِ، وَلاَ يَثْبُتُ في بَيْعِ العَبْدِ مِنْ قَرِيبهِ الَّذِي يُعْتَقُ عَلَيْهِ عَلَى الصَّحِيحِ، ثُمَّ يُحْكَم بِعِتْقِ العَبْدِ عَلَى المُشْتَرِي وَلاَ يَكَونُ الوَلاَءُ لَهُ وَلاَ لِلْبَائِعِ، فَإِنْ مَاتَ العَبْدُ وَلَهُ كَسْبٌ فَلِلْمشْتَريِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ تَرْكَتِهِ قَدْرَ الثَّمَنِ لِأنَّهُ إِنْ كَذَّبَ فَكُلُّهُ لَهُ، وَإِنْ صَدَّقَ فَهُوَ لِلبَائِعِ وَلَهُ الوَلاَءُ وَقَدْ ظَفِرَ هُوَ بِمَالِهِ هَكذَا ذَكرَهُ المُزَنِي رَحِمَهُ الله، وَمِنَ الأَصْحَابِ مَنْ خَالَفَهُ لأَنَّهُ غَيْرُ مُصَدَّقٍ في هَذهِ الَجِهةِ.


= قال الأذرعي: فيما نقله عن أبي حاتم نظر وحاصل منقوله موافقة صاحب "التلخيص".
وأما أمره الثاني فعجيب إذا تؤمل، وأما أمره الثالث، فلا شك أن كل حق شارك الثلاثة في معناها كان حكمه حكمها, ولم يرد بها حقيقة الحصر، وقال القفال بعد ذكره كلام التلخيص: إذا أقر لرجل بما هو في ذمة آخر، فالجملة في ذلك أن كل مال احتمل أن يكون ذلك في أصله للمقر له. حكم بصحة الإقرار، وإن كان لا يحتمل أن يكون ذلك في أصله للمقر له به، فذلك الإقرار باطل، ثم ذكر مثله. قال في الخادم: تسليمهم لصاحب "التلخيص" أن هذه الديون لا يتصور لغير من ذكر ممنوع، أما الصداق فإنه يتصور لغير المرأة، فإن الأمة يكون صداقها لسيدها فيما إذا أوصى بمنفعة أمة، فقيل الموصى له الرصية ثم أعتقها الوارث، ولنا صور أُخرى نذكرها إن شاء الله -تعالى- في أول الصداق. وأما الخلع فإن عوضه يكون لسيد العبد. قال: ويزاد على الديون الثلاثة رابع، وهو إقرار الزوجة بالنفقة والكسوة، وزاد الماوردي في الإقناع أن يقر بحمل بهيمة لغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>