للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"التهذيب" وغيره لكن الثاني أصح عند الإمام وصاحب الكتاب، وبه أجاب الشيخ أبو محمَّد وأبو سعيد المتولى، ووجهوه بأن الأقارير تحمل على معهود العرف لا على حقائق العربية (١)، ولو قال: هل لي عليك ألف، فقال: نعم فهو إقرار.

الرابعة: إذا قال اشتر مني عبدي هذا فقال: نعم فهو إقرار به للقائل، كما لو قال: اعتق عبدي هذا فقال: نعم ويمكن أن يجيء فيه خلاف ما ذكرنا في الصُّلْح فيما إذا قال: بعني هذا العبد، هل هو إقرار بالعبد للمخاطب؟ وليس في لفظ الكتاب في المسألة إضافة العبد إلى نفسه، ولكن المراد ما إذا أضاف، وكذلك صور في "الوسيط" ولو كان اللفظ اشتر مني هذا العبد كما في الكتاب، فالتصديق بنعم يقتضي الاعتراف بملكية البيع لا بأنه يملك المبيع، ولو ادعى عليه عبداً في يده، فقال: اشتريته من وكيلك فلان، فهو إقرار له، ويحلف المدعى عليه أنه ما وكل فلاناً بالبيع، ثم إنا نردف شرح صور الفصل بصور تقرب منها لو قال: له علي كذا في علمي، أو فيما أعلمه، وأشهد فهو إقرار، ولو قال: كان علي ألف لفلان، أو كانت هذه الدار في السنة الماضية له فوجهان:

أحدهما: أنه إقرار في الحال بحكم الاستصحاب.

والثاني: لا؛ لأنه لم يعرف في الحال بشيء، والأصل براءة الذمة (٢)، ويقرب منه الخلاف فيما إذا قال: هذه داري أسكنت فيها فلاناً، ثم أخرجته منها قيل: هو إقرار باليد؛ لأنه اعترف بثبوتها من قبل، وادعى زوالها.

وعن أبي علي الزَّجَّاجي في جواب الجامع الصغير أنه ليس إقراره بالملك لزيد، ودعوى انتقالها منه؛ لأنه لم يعترف بيد فلان إلا من جهته، ولو قال: ملكتها من زيد فهو إقرار، فإن لم يصدقه زيد أمر بالرد إليه (٣)، ولو قال: اقض الألف الذي لي عليك، فقال: نعم فهو إقرار، ولو قال في الجواب: أعطني غداً أو أبعث من يأخذه، أو أمهلني يوماً، أو حتى أصرف الدارهم، أو حتى أفتح باب الصندوق، أو اقعد حتى تأخذ، أو لا أجد اليوم، أو لا تزال تتقاضى، أو قال: ما أكثر ما تتقاضى، والله لأقضينك فجميع هذه الصور إقرار عند أبي حنيفة رحمه الله، والأصحاب فيه مضطربون.


(١) هذا الثاني هو الأصح، وصححه المصنف في "المحرر".
(٢) قال النووي: ينبغي أن يكون أصحها الثاني، وقد أشار إلى تصحيحه الجرجاني. ينظر الروضة ٣٤/ ٢٣.
(٣) ولو قال: ملكتها على يد زيد لم يكن إقرار له بها؛ لأن معناه: وإن زيد وكيلاً قاله البغوي. ينظر الروضة ٤/ ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>