قال الرافعي: المقر به قد يكون مفصلاً، وقد يكون مجملاً مجهول الحال، وإنما احتمل فيه الإجمال؛ لأنه إخبار عن سوابق، والشيء يخير عنه مفصلاً تارة، ومجملاً تارة، ويخالف الإنشاءات، حيث لا تحتمل الجهالة، والإجمال في أغلبها احتياطًا لابتداء الثبوت، وتحرزًا عن الغرر، ولا فرق في الأقارير المجملة بين أن تقع ابتداءًا، أو في جواب دعوى معلومة، كما إذا ادعى عليه ألف درهم، وقال: لك علي شيء، والألفاظ التي تقع فيها الجهالة والإجمال لا حصر لها، فاشتغل الشَّافعي -رضي الله عنه- والأصحاب ببيان ما هو أكثر استعمالاً، ودورانًا على الألسنة ليعرف حكمهما، ويقاس بها غيرها.
منها: إذا قال: لفلان علي شيء، رجعنا في التفسير إليه، فإن فسره بما يتمول قُبل قليلاً كان أو كثيراً كفلس ورغيف وتمرة، حيث يكون لها قيمة، وإن فسره بما لا يتمول، فإما أن يكون من جنس ما يتمول أو لا يكون، إن كان كحبة من الحِنْطَةِ والشَّعِيْرِ والسِّمْسِمِ وقمع الباذنجانة، ففيه وجهان:
أحدهما: لا يقبل التفسير به؛ لأنه لا قيمة له، فلا يصح التزامه، بكلمة عليّ، ولهذا لا تصح الدعوى به.
وأصحهما: القبول؛ لأنه شيء يحرم أخذه، وعلى من أخذه رده وقوله إن الدعوى به لا تسمع -ممنوع والتمرة الواحدة حيث لا قيمة لها من هذا القبيل.
وعن القاضي: أن الخلاف فيها بالترتيب، وهي أولى بالقبول، وإن لم يكن من جنس ما يتمول، فإما أن يجوز اقتناؤه لمنفعة، أو لا يجوز.
القسم الأول: الكلب المعلم، والسِّرجين، وجلد الميتة القابل للدباغ، ففي التفسير بها وجهان.
أحدهما: لا يقبل؛ لأنها ليست بمال، وظاهر الإقرار المال.
وأصحهما: القبول لأنها أشياء يثبت فيها الحق، والاختصاص، ويحرم أخذها،