للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الشيخ أَبُو مُحَمَّدٍ: لا يقبل، واختاره الإمام، وصاحب الكتاب، ووجهوه بأن قوله: "عندي" يشعر بثبوت ملك أو حق، وللأولين أن يمنعوا ذلك، ويحتجوا عليه بانتظام قول القائل: لفلان عندي خمر أو خنزير، ثم لهم أن يدعوا مثل ذلك في قوله: غصبت مِنْ فلان (١).

قال الغزالي: ثُمَّ إِن امَتْنَعَ عَنِ التَّفْسيْرِ حُبِسَ إِلى أَنْ يُفَسَّرَ عَلَى رَأْيٍ، وَجُعِل نَاِكلاً عَنِ اليَمِيِنَ عَلَىَ رأْي حَتَّى يَحْلِفَ المُدَّعي، فَلَوْ فُسِّرَ بِدِرْهَمٍ فَقَالَ المُدَّعيِ: بَلْ أَردَتُّ عَشَرَةً لَمْ يَقْبَلْ دَعوْى الإِرادَةِ بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَدَّعِي نَفسَ العَشَرَةِ، وَالقَوْلُ قَوْلُ المُقِرِّ فيِ عَدَمِ الإِرَادَةِ وَعَدَمِ اللُّزُومِ.

قال الرافعي: عرفت أنه بم يقبل تفسير الإقرار بالشيء؟

وبم لا يقبل؟

وفي الفصل وردت مسألتان، لا اختصاص لهما بلفظ الشيء، بل يعمان سائر المبهمات، وإنما أوردها في هذا الموضع؛ لأن الإقرار بالشيء أول ما ذكره من الأقارير المجملة.

المسألة الأولى: إذا أقر بمجمل، وطالبناه بالتفسير، فامتنع ففيه ثلاثة أوجه، جمعها الإمام رحمه الله:

أظهرها: أنا نحبسه حبسنا إياه إذا امتنع من أداء الحق؛ لأن التفسير والبيان حق واجب. والثاني: أنه لا يحبس، بل ينظر إن وقع الإقرار المبهم في جواب دعوى، وامتنع عن التفسير جعل ذلك إنكارًا منه، وتعرض عليه اليمين، فإن أصر جعل ناكلاً عن اليمين، وحلف المدعي، وإن أقر ابتداء، قلنا للمقر له: ادعي عليه حقك، فإذا ادعاه، وأقر بما ادعاه، أو أنكر، فذاك، وأجرينا عليه الحكم.

وإن قال: لا أدري، جعلناه منكراً، فإن أصر جعلناه ناكلاً، وذلك أنه إذا أمكن تحصيل الغرض من غير حبس لا يحبس والثالث، عن حكايته صاحب "التقريب": أنه إن أقر بِغَصْبٍ، وامتنع من بيان المغصوب، حبس، وإن أقر بدين مبهم، فالحكم كما ذكرنا في الوجه الثاني.

وذكر أَبوُ عَاصِم العَبَّادِيُّ أنه إذا قال: عَلَيَّ، وامتنع من التفسير لم يحبس، وإن قال: علي شيء ثوبٌ أو فضة، ولم يبين يحبس.


(١) قال النووي: قال أصحابنا: لو قال: غصبتك، أو غصبتك ما تعلم، لم يلزمه شيء؛ لأنه قد يغصبه نفسه، فيحبسه. ولو قال: غصبتك شيئاً، ثم قال:، أردت نفسك، لم يقبل. ينظر الروضة ٤/ ٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>