للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخطبة وصلاة الجمعة بالتَّيمم الواحد وجهان، كالوجهين في الجمع بين الطواف الواجب وركعتيه إذا أوجبناهما؛ لأن الخطبة تابعة للصَّلاة، كالرَّكعتين للطواف، وهذا على قولنا تشترط طهارة الحدث في الخطبة الثالثة، نص في المختصر أنه يجمع بين فريضة وصلاة جنازة، وفي موضع آخر أنه لا يقعد فيها مع القُدْرَةِ على القيام، وأنها لا تؤدى على الرَّاحلة، فهذا يقتضي إلحاقها بالفرائض، والأول يقتضي إِلْحَاقَهَا بالنَّوافل، واختلفوا فيه على ثلاثة طرق:

أحدها: أن المسألتين على قولين نقلاً وتخريجاً.

أحدهما: أنها مُلحَقَةٌ بالفرائض، فلا يجوز الجمع، ولا القعود ولا على الراحلة؛ لأنها فرض في الجملة، والفرض بالفرض أشبه منه بالنّفل، وإن اختلفت كيفية الافتراض.

والثاني: أنها ملحقة بالنَّوَافل، فيجوز فعلها على الراحلة، والجمع والقعود؛ لأن فروض (١) الكفايات كالنَّوَافل في جواز التَّرك، وعدم الانحصار.

والطريق الثاني: تنزيل النَّصَّيْنِ على حالتين حيث قال: "يجمع" أراد ما إذا لم يتعيّن عليه، وفي هذه الحالة [له أن يقعد ويؤديها على الرّاحلة، وحيث قاتل: لا يقعد أراد ما إذا تعيَّنت عليه بأن لم يحضر غيره، وفي هذه الحالة] (٢) لا يجمع.

والثالث: أن حكمها حكم النَّفْل على الإطلاق إلا أنه لا يسامح بالقعود فيها؛ لأن قوامها بالقيام، إذ ليس فيها ركوع ولا سجود، فإذا قعد فيها بطلت صورتها بالكليَّة، فلا تلحق في هذا الحكم بالنَّوَافل، وهذا تقرير النصين.

وظاهر المذهب جواز الجمع بكل حال، ولو جمع بين صَلاتَي جنازة بتيمُّم واحد ففيه هذا الخلاف، ولو أراد أن يصلي على جنازتين صلاة واحدة، فقد قال بعضهم يبنى ذلك على الخلاف، إن اعتبرنا لكل صلاة تيمماً لم يَجُزْ ذلك، وإلا فيجوز.

وقال صاحب "المعتمد": ينبغي أن يجوز ذلك بكل حال؛ لأنه إذا جاز سقوط الفرضين بصلاة واحدة، جاز الاقتصار على التيمم الواحد.

قال الغزالي: وَمَنْ نَسِيَ صَلاةً مِنْ خَمْسِ صَلَوَاتٍ يُصَلِّي خَمْسَ صَلَوَاتِ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ نَسِيَ صَلاَتيْنِ، فَإِنْ شَاءَ صَلَّى خَمْسَ صَلَوَاتِ بِخَمْسِ تَيَمُّمَاتٍ، وإنْ شَاءَ اقْتَصَرَ عَلَى تَيَمُّمَيْنِ وَأَدَّى بِالتَّيَمُّمِ الأَوَّلِ الأَرْبَعَةَ الأُولَى مِنَ الخَمْسَةِ وَبِالثَّانِي الأرْبَعَةَ الأخِيرَةَ مِنَ الخَمْسَةِ.


(١) في ب: فرائض.
(٢) سقط في ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>