للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمذهب الثاني: قال الدَّارِكِيُّ: إِن قال: درهم معه درهم، أو فوقه درهم لزمه درهمان لرجوع الكتابة إلى الأول الذي التزمه، ولو قال: درهم عليَّ، عليه درهم، أو عليَّ درهم، فهو كما لو قال: فوقه درهم، أو فوق درهم، ولو قال: عليَّ درهم قبل درهم أو قبله درهم أو بعده درهم أو بعده درهم، فرواية الْمُزَنِيِّ، وبها أجاب الأكثريون أنه يلزمه درهمان، بخلاف الصورة السابقة.

والفرق أن الفوقية والتحتية، يرجعان إلى المكان ويتصف بهما نفس الدرهم [والقبلية والبعدية يرجعان إلى الزمان ولا يتصف بهما نفس الدرهم] (١)، فلا بد من أمر يرجع إليه التقديم والتأخير، وليس ذلك إلاَّ الوجوب عليه.

وفيه قول آخر: أنه لا يلزمه إلاَّ درهم، منهم من حكاه نصًا عن رواية الربيع.

ومنهم من خرّجه من الصورة السابقة، وسَوَّى بينهما جميعًا، فجعلهما على قولين، ولمن قاله أن يقول: القبلية والبعدية، كما يكونان بالزمان يكونان بالرتبة، وغيرهما، ثم هب أنهما زمانيان، وأن نفس الدرهم لا يتصف بهما، لكن يجوز رجوعهما إلى غير الواجب بأن يريد درهمًا مضروبًا قبل درهم، وما أشبهه، ثم هب أنهما راجعان إلى الواجب، لكن يجوز أن يريد لزيد درهم وجب له قبله وجوب درهم لعمرو.

وفي المسألة وجه آخر أيضًا عن ابْنِ خَيْرَانَ وغيره: أنه إن قال: قبله درهم أو بعده درهم لزمه درهمان، وإن قال: قبل درهم أو بعد درهم لم يلزمه إلاَّ درهم واحد؛ لاحتمال أن يريد قبل لزوم درهم، أو بعد درهم كان لازمًا.

وقوله في الكتاب: "لا يلزم إلاَّ واحد" يجوز إعلامه مع الواو بالحاء والألف.

أما الحاء، فلأن عند أبي حنيفة -رحمه الله- يلزم درهمان، فيما إذا قال فوق درهم وأما الألف فلان عند أحمد يلزمه في جميع الصور درهمان.

الثالثة: له عليَّ، أو عندي درهم فدرهم، إن أراد العطف لزمه درهمان، وإلاَّ فالنص أنه لا يلزمه إلاَّ درهم، ونص فيما إذا قال: أنت طالق فطالق، أنه يقع طلقتان، فنقل ابْنُ خَيْرَانَ الجواب من كل واحدة إلى الأخرى وجعلهما على قولين:

أحدهما: يلزمه ودرهمان يقع طلقتان، لأن "الفاء" حرف عطف "كالواو" و"ثم".

والثاني: لا يلزمه إلاَّ درهم واحد، ولا يقع إلاَّ طلقة؛ لأن "الفاء" قد تستعمل لغير العطف، فيؤخذ باليقين (٢).


(١) سقط في ط.
(٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>