بطلاقها، فأقول طلقتها. عن الشيخ أبِي عَاصمٍ أنه لا يصح إقراره.
وقال صاحب "التتمة": الصحيح أنه كما لو قال عليَّ ألف لا يلزمني لفلان.
ولو قال: عليَّ ألف وزعم أنه وديعة، فأما أن يذكر ذلك مفصلاً، أو متصلاً.
الحالة الأولى: وهي المذكورة في الكتاب أن يذكره منفصلاً فإن أتى بألف بعد إقراره، وقال: أردت هذا، وهو وديعة عندي، فقال المقر له: هو وديعة، ولي عليك ألف آخر دينًا، وهو الذي أردته بإقرارك، ففيه قولان:
أحدهما: وبه قال أبو حنيفة -رحمه الله- وأحمد: أن القول قول المقر له، فما أتى به وديعة، وعليه ألف دينًا؛ لأن كلمة "علي" تقتضي الثبوت في الذمة، ولهذا لو قال: علي ما على فلان، كان ضامنًا، والوديعة لا تثبت في الذمة، فلا يجوز التفسير بها.
وأصحهما: أن القول قول المقر مع يمينه؛ لأن الوديعة يجب حفظها، والتخلية بينها وبين المالك، فلعله أراد بكلمة "علي" الإخبار عن هذا الواجب، ويحتمل أيضًا أنه تعدى فيها، حتى صارت مضمونة عليه، فلذلك قال: هي عليَّ، وأيضًا فقد تستعمل "عليَّ" بمعنى "عندي"، وفسر بذلك قوله تعالى مخبرا:{وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ}[الشعراء: ١٤].
وحكى الإمام طريقة قاطعة بالقول الثاني، والمشهور إثبات القولين، وقد نسبهما الشيخ أبُو حَامِدٍ إلى نَصِّهِ في "الأم"، ولو كان قد قال: عليَّ ألف في ذمتي، أو ألف دينًا، ثم جاء بألف، وفسر كما ذكرنا، فإن لم تقبل في الصورة الأولى فهاهنا أولى وإن قبلنا هناك فوجهان:
أحدهما: يقبل لجواز أن يريد الألف في ذمته، إن تلفت الوديعة، لأني تعديت فيها.
وأصحهما: أنه لا يقبل، والقول قول المقر له مع يمينه؛ لأن العين لا تثبت في الذمة وقوله في الكتاب تفريعًا على قبول التفسير بالوديعة ولا يقبل قوله في سقوط الضمان لو ادعى التلف أراد به ما ذكره الإمام من أن الأصحاب قالوا الألف مضمون، وليس بأمانة، لأن قوله:"علَيَّ" يتضمن الإلتزام، فلو ادعى تلف الألف الذي زعم أنه وديعة لم يسقط الضمان عنه، ولو ادعى رده لم يصدق؛ لأنه ضامن، وإنما يصدق المؤتمن، والمفهوم من هذا الكلام أنه لايصدق في دعوى تلفه بعد الإقرار، أو رده، لكن فيه إشكال توجيهًا ونقلًا.
أما التوجيه فإن كلمة "عليَّ" يجوز أن يريد بها صيرورتها مضمونة عليه لتعديه، ويجوز أن يريد بها وجوب الحفظ، والتخلية، ويجوز أن يريد بها عندي، كما سبق، وهذان المعنيان لا ينافيان الأمانة.