فيه بأية صلاة شاء، ويصلّي بكل تيمم ما تقتضيه القسمة، لكن شرط خروجه عن العهدة بالعدد المذكور أن يترك في كل مرة ما ابتدأ به في المرة التي قبلها، ويأتي في المرة الأخيرة بما بقي من الصَّلَوَات، فلو صلَّى في المثال الذي سبق بالتيمم الأول الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، وبالثاني الصبح، والظهر، والعصر، والمغرب، فقد أخل بهذا الشرط إذا لم يترك في المرّة الثانية ما ابتدأ به في المرة الأولى، وإنما ترك ما ختم به في المرّة الأولى فلا يخرج عن العهدة، لجواز أن يكون ما عليه الظّهر، أو العصر، أو المغرب مع العشاء، فبالتيمم الأول صحّت تلك الصلاة، ولم تصح العشاء، وبالتيمم الثاني لم يُصَلِّ العشاء، فلو صلى العشاء بعد ذلك بالتيمم الثاني، خرج عن العهدة، وقد أشار إلى هذا الشَّرط في الكتاب بقوله:"وأدى بالأول الأربع الأولى من الخمس، وبالثاني الأربع الأخيرة".
ولو نسي ثلاث صلوات من صلوات يوم وليلة، ولم يعرف عينها فعلى طريقة صاحب "التلخيص" يتيمم خمس تيمُّمات، ويصلِّي الخمس، وعلى الوجه الآخر يتيمم ثلاث مرات، ويصلي بكل واحدة منها الخمس، وعلى قول ابن الحداد يقتصر على ثلاث تيممات، ويزيد في عدد الصلوات فيضم إلى الخمس أربعاّ؛ لأن الأربعة لا تنقص عما يبقى من الخمسة بعد إسقاط الثلاثة، بل يزيد عليه، وينقسم المجموع، وهو تسعة صحيحاً على الثلاثة، ولو ضممنا إلى الخمسة اثنين، أو ثلاثة، لما انقسم، ثم يصلّي بالتيمُّم الأوّل الصبح، والظهر، والعصر، وبالثَّاني الظهر، والعصر، والمغرب، وبالثالث العصر، والمغرب، والعشاء، وله غير هذا الترتيب إذا حافظ على الشَّرط المذكور، فلو أَخَلَّ به كما إذا صلّى بالتّيمم الأول العصر، ثم الظهر، ثم الصبح، وبالثاني المغرب، ثم العصر، ثم الظهر، وبالثالث العشاء، ثم المغرب، ثم العصر، لم يخرج عن العهدة، لجواز أن يكون التي عليه الصّبح، والعشاء، وثالثهما الظهر، أو العصر، فيتأدَّى بالتيمُّم الأول الظهر، أو العصر، ويتأدى بالثالث العشاء، ويبقى الصبح عليه فيحتاج إلى تيمم رابع للصبح، وقس على هذا نظائره، هذا كله فيما إذا نسي صلاتين مختلفتين، أو أكثر.
أما إذا نسي صلاتين متفقتين من صلوات يومين فصاعداً، فعليه أن يأتي بعشر صلوات صبحين، وظهرين، وعصرين، ومغربين، وعشائين، ليخرج عن العهدة بيقين، ويجب لها عشر تيمُّمَات على الوجه المنسوب إلى الخضري، وعند معظم الأصحاب يكفيه تيممان يصلي بكل واحد منهما الصلوات الخمس، ولا يكني هاهنا ثمان صلوات بتيممين، بخلاف ما إذا كانتا مختلفتين؛ لأنه إذا فعل ذلك لم يأت بالصُّبح إلا مرة واحدة بالتَّيمم الأوَّل، ولا بالعشاء إلا مرة واحدة بالتيمم الثَّاني، ويجوز أن يكون ما عليه صبحين أو عشائين، ولو لم يعلم أن فَائِتَتَيْهِ متِّفِقَتَان، أو مختلفتان أخذ بالأسوأ، وهو أن تكونا متفقتين، فيحتاج إلى عشر صلوات بتيممين، ولا يكفيه الاقتصار على