للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على ما إذا كانت المَنْسِيَّةُ واحدة. فإن قلنا: يجب ثم خمس تيممات فكذلك هاهنا.

وإن قلنا: ثم يكفي تيمم واحد، فما الَّذي يفعل هاهنا. قال ابن القاص: يتيمَّم لكل واحدة منها، ويقتصر عليها.

وقال ابن الحداد: يقتصر على تيممين ويزيد في عدد الصلوات فيصلي بالتيمم الأول الفجر والظهر والعصر والمغرب، وبالثاني الظهر والعصر والمغرب والعشاء، فيخرج عن العهدة بيقين؛ لأنه صلّى الظهر والعصر والمغرب مرتين بتيممين، فإن كانت الفائتتان من هذه الثلاث فقد تأدت كل واحدة بتيمم، وإن كانت الفائتتان الفجر والعشاء، فقد تأدّت الفجر بالتيمم الأول، والعشاء بالثاني، وإن كانت الفائتتين إحدى الثلاث، وأخرى الفجر والعشاء، فكذلك ولا شك أن ما ذكره ابن القاص جائز عند ابن الحداد، فيخرج عن العهدة. والذي ذكره ابن الحداد هل يجوز عند ابن القاص، ظاهر كلامه في "التلخيص" أنه لا يجوز.

وقال الصيدلاني وغيره من الأئمة: لا خلاف بينهما، وكل واحد منهما يجيز ما قاله الآخر، فإن كان الأول التقى كلام ابن القاص، والخضري في هذه الصورة ونظائرها، وإذا كان الثاني انتظم أن يقال: هو مُخَيَّرٌ إن شاء فعل ذلك، وإن شاء فعل هذا، كما ذكره في الكتاب، ويجوز أن يعلم قوله: "إن شاء"، "وإن شاء" بالواو، لظاهر كلامه في التَّلْخِيصِ، وبالزَّاي؛ لأن قياس قوله: "أن لا يلزمه واحد من الأمرين، بل يكفيه صلاتان كما ذكرنا بتيمُّمين، وحكى وجه آخر أنه يتيمم مرتين، ويصلي بكل واحد منهم الصلوات الخمس؛ لأنه للفائتة الواحدة يقضي الخمس بتيمم فَلِلْفَائِتَتَيْنِ يلزمه ضعف ذلك، وهذا أبعد الوجوه عند مشايخ الأصحاب من جهة أنه إذا صلى الأربع بالتيم الأول، فقد علم سقوط إحدى الفَائِتَتَيْنِ عنه، ففعل الخامسة عبث لأنه لا يتأدَّى فرضان بتيمُّم واحد، والمستحسن عندهم ما ذكره ابن الحداد، ولا بد فيه من زيادة في عدد الصَّلَوات، فيجب معرفة ضابط القدر الزّائد، وما يشترط في كيفية أدائها ليخرج عن العهدة، أما الضّابط فهو أن يزيد في عدد المنسي فيه عدداً لا ينقص عما يبقى من المنسي فيه بعد إسقاط المنسي، وينقسم المجموع صحيحاً على المنسي بيانه في الصُّورَةِ المذكورة المنسي صلاتان، والمنسي فيه خمس يزيد عليه ثلاثة؛ لأنها لا تنقص عما يبقى من الخمسة بعد إسقاط الاثنين، بل يساويه، والمجموع هو ثمانية، ينقسم على الاثنين صحيحاً، ولو أنه أتى بعشر صلوات يجزئه عما ذكرنا في الوجه الآخر، لأنه زاد ما لا ينقص عن الباقي من المنسي فيه بعد إسقاط المنسي، وينقسم مع الأصل صحيحاً عليه، وأول عدد يزيد عليه ووجد فيه الوصفان المذكوران حصل به الفرض، فإن تكلف عليه زيادة، فاولى أن يجزئه، وأما ما يشترط في كيفية الأداء، فإنه يبتدئ من المنسي

<<  <  ج: ص:  >  >>