للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الشيخ أبو علي: أصحهما الثاني، ورأى أن يفرق بين قوله: عشرة إلاَّ سبعة وثلاثة وبين قوله عشرة إلاَّ سبعة إلاَّ ثلاثة فيقطع في الصورة الثانية بالبطلان لأنهما استثناءان مستقلان، فيحصل من ذلك وجه ثالث فارق ومهما كان في المستثنى، والمستثنى منه عددان معطوف أحدهما على الآخر، ففي الجمع بينهما وجهان، كما في الصورة السابقة:

أصحهما: ويحكى عن نصه في الطلاق، وبه أجاب ابْنُ الحَدَّادِ والأكثرون أنه لا يجمع؛ لأن الواو العاطفة وإن اقتضت الجمع، لكنها لا تخرج الكلام عن كونه ذا جملتين من جهة اللفظ، والاستثناء، ويدور على اللفظ مثاله إذا قال: عليَّ درهمان ودرهم، إلاَّ درهمان إن لم يجمعه لزمه ثلاثة؛ لأنه استثنى درهمان من درهم، وإن جمعنا لزمه درهم، فكان الاستثناء من ثلاثة، ولو قال علىَّ ثلاثة إلا درهمين ودرهمًا فإن لم يجمع لزمه درهم، وصح استثناء الدرهمين إن جمعنا لزمه ثلاثة وكان الاستثناء مستغرقًا، ولو قال: ثلاثة إلاَّ درهماً، ودرهمين فإن لم نجمع لزمه درهمان، وإن جمعنا، فثلاثة، ولو قال: درهم فدرهم ودرهم إلاَّ درهماً ودرهمًا ودرهمًا لزمه ثلاثة على الوجهين؛ لأنا إن جمعنا جمعنا في الطرفين، وإن لم نجمع كان مستثنيًا درهماً من درهم، وحكم هذه الصورة في الطلاق، كحكمها في الإقرار، وقد ذكر صاحب الكتاب أكثرها في الطلاق، ولو قال: على عشرة إلاَّ خمسة أو ستة.

قال في "التتمة": يلزمه أربعة؛ لأن الدرهم الزائد مشكوك فيه، فصار كما لو قال: عليَّ خمسة أو ستة لم يلزمه إلاَّ خمسة، ويمكن أن يقال: يلزمه خمسة؛ لأنه أثبت العشرة، واستثنى منه خمسة، واستثنى درهماً زائدًا مشكوكًا فيه فلو قال: علىَّ درهم غير دانق، فقضية النحو وبه قال بعض الأصحاب أنه إن نصب "غير" فعليه خمسة دوانيق؛ لأنه استثناء وإلاَّ فعليه درهم تمام؛ إذ المعنى عليه درهم لا دانق.

وقال الأكثرون: السابق إلى فهم أهل العرف منه الاستثناء، فيحمل عليه، وإن أخطأ في الإعراب، والله أعلم.

قال الغزالي: (السادسة): الاسْتِثْنَاء مِنْ غيْرِ الجِنْسِ صَحِيحٌ كَقَوْلِهِ: عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمِ إِلاَّ ثَوْبًا مَعْنَاهُ قِيمَة ثَوْبٍ، ثُمَّ لِيُفَسِّرْ بِمَا يَنْقُصُ قِيمَتَهُ عَنِ الأَلْفِ، فَلَوِ اسْتَغْرَقَ بَطُلَ تَفْسِيرُهُ في وَجْهٍ، وَأَصْلُ اسْتِثَنَائِهِ في وَجْهٍ.

قال الرافعي: الاستثناء من غير الجنس صحيح، كما إذا قال: عليَّ ألف درهم، إِلاَّ ثوباً، أو عبداً.

وقال مالك وأَبُو حَنِيْفَةَ لا يصح إلاَّ المكيل والموزون والمعدود، ويستثنى بعضها

<<  <  ج: ص:  >  >>