للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من بعض مع اختلاف الجنس. وقال أَحْمَدُ: لا يصح ذلك بحال وحجة المذهب مشهورة في الأصول، ثم عليه أن يبين ثوباً، وتستغرق قيمته الألف، فإن استغرق، فالتفسير لغو، وفي الاستثناء وجهان:

أحدهما: أنه لا يبطل؛ لأنه صحيح من حيث اللفظ، وإنما الخلل فيما فسر به اللفظ، فيقال له: هذا التفسير غير صحيح، ففسره بتفسير صحيح.

والثاني: أنه يبطل الاستثناء، ويلزمه الألف؛ لأنه بين ما أراد باللفظ، فكأنه تلفظ به، والوجه الأول أصح عند صاحب "التهذيب".

وقال الإمام وغيره: الثاني أصح، وهو الأشبه، ويصح استثناء المجمل من المجمل والمجمل من المفصل، وبالعكس، فالأول كما إذا قال: ألف إلاَّ شيئاً، فيبين جنس الألف أولاً، ثم يفسر الشيء بما لا يستغرق الألف من الجنس الذي بينه المفسر به.

والثاني: كما إذا قال: عليَّ عشرة دراهم إلا شيء، ويفسر الشيء بما لا يستغرق العشرة. وإذا قال: على شي إلاَّ درهماً يفسر الشي بما يزيد على الدرهم، وإن قّل، وكذا لو قال: ألف إلاَّ درهما، ولا يلزمه من استثناء الدرهم أن يكون الألف دراهم، ومهما بطل التفسير في هذه الصورة، ففي بطلان الاستثناء الوجهان، وإن اتفق اللفظ في المستثنى منه، كما إذا قال: عليّ شيء إلا شيئاً أو مال إلاَّ مالاً، فقد حكى الإمام عن القاضي فيه وجهين:

أحدهما: أنه يبطل الاستثناء، كما لو قال: عليَّ عشرة إلاَّ عشرة.

والثاني: لا يبطل لوقوعه على القليل، والكثير، فلا يمتنع حمل الثاني على أقلّ ما يتمول، وحمل الأول على الزائد على أقل ما يتمول.

قال: وفي هذا التردد غفلة؛ لأنا إن ألغينا استثناؤه اكتفينا بأقل ما يتمول، وإن صححناه ألزمناه أيضاً أقل ما يتمول، فيتفق الجوابان، ويمكن أن يقال: حاصل الواجب لا يختلف، لكن التردد غير خالٍ عن الفائدة، فإنا إذا أبطلناه الاستثناء لم نطالبه إلاَّ بتفسير اللفظ الأول، وإن نبطله طلبناه بتفسيرهما وله آثار في الامتناع من التفسير، وكون التفسير الثاني غير صالح للاستثناء الأول، وما أشبه ذلك.

قال الغزالي: (السابعة) الاسْتِثْنَاءُ عَنِ العَيْنِ صَحِيحٌ كَقَوْلِهِ: هَذِهِ الدَّارُ لِفُلاَنٍ إِلاَّ ذَلِكَ البَيْتَ، وَالخَاتَمُ إلاَّ الفَصَّ، وَهَؤُلاَءِ العَبِيدُ إلاَّ وِاحِدًا، ثُمَّ لَهُ التَّعْيِينُ، فَإنْ مَاتُوا اِلاَّ وَاحِداً فَقَالَ: هُوَ المُسْتَثنَى قَبْلُ، وَقِيلَ: فِيهِ قَوْلاَنِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>