للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقتها، لا يقدم التَّيمم للفائتة على وقتها، ووقتها يدخل بتذكرها.

قال -صلى الله عليه وسلم-: "فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا، فَإِنَّ ذلِكَ وَقْتُهَا" (١). وإذا تيمَّم للفريضة في أوَّل الوقت وأخَّرها [إلَى آخِرِ الوقت] (٢) جاز، نص عليه؛ لأنه تيمَّم في وقت الحاجة، ولو تيمَّم لفائتة ضحوة النهار، ولم يؤدها حتى زالت الشمس، فأراد أن يصلي به الظهر، هل يجوز؟ فيه وجهان:

أصحُّهما: وبه قال ابن الحداد: يَجُوز؛ لأن التَّيمم قد صح لما قصده وإذا صحَّ التَّيمم لفريضة، جاز له أن يعدل عنها إلى غيرها، كما إذا كانت عليه فائتتان فتيمم لإحداهما، له أن يصلي الأخرى به دون التي تيمم لها.

والثاني: لا يجوز، وبه قال أبو زيد، والخضري، لأنه يقدم على وقت الظهر، فلا يؤدي به كما إذا تيمَّم لها قبل وقتها، ولو تيمم للظُّهْرِ في وقتها، ثم تذكر فائتة (٣) فأراد أَدَاءَهَا به، فيه طريقان:

أحدهما: طرد الوجهين.

والثاني: القطع بالجواز، والفرق أنه إذا تيمَّم لقضاء الفائتة ضحوة فقد تيمّم، والظهر غير واجبة عليه، فلا يصلح تَيمُّمه لها، وهاهنا تيمَّم للظُّهر والفائتة واجبة عليه، لكنه لم يكن عارفاً بوجوبها، وقد سلم الجواز هنا أبو زيد، والخضري.

وقوله في الكتاب في الصُّورة الأولى: "على الأصح" يعني من الوجهين، وفي الصُّورَةِ الثَّانية يجوز أن يريد الأصح من الوجهين جرياً على طريقة طرد الوجهين، وسكوتاً عن الأخرى، ويجوز أن يريد الأصح من الطريقين، وهو قضية كلامه في "الوسيط"، لكن طريقة طرد الخلاف أظهر من جهة النقل، وكل هذا تفريع على أن تعيين الفريضة التي يتيمم لها ليس بشرط، فإن شرطناه لم يصلح التّيمم لغير ما عينه، وجملة ما ذكرناه فيما إذا كانت الصلاة التي يتيمم لها فريضة، أما النافلة فتنقسم إلى مؤقتة، وإلى غيرها، أما المؤقتة فكالرَّواتب التَّابعة للفرائض، وصلاتي العيد، والكسوف، وأَوْقاتها مذكورة في مواضعها، ومنها صلاة الاسْتِسْقَاء، ووقتها اجتماع الناس لها في الصَّحْرَاء، ومنها صلاة الجَنَازَةِ، وبم يدخل وقتها؟ فيه وجهان:

أظهرهما: وهو المذكور في الكتاب، أنه يدخل بغسل الميت، فإنها حينئذ تباح، وتجزئ.


(١) أخرجه البخاري (٥٩٧) ومسلم (٦٨٤) من رواية أنس إلا قوله: فإن ذلك وقتها، فإنها للبيهقي في خلافياته، من رواية أبي هريرة بإسناد ضعيف وضعفه، انظر الخلاصة (١/ ٧٠).
(٢) سقط من ب.
(٣) في ب فائتته.

<<  <  ج: ص:  >  >>