والثاني: وبه أجاب صاحب الكتاب في الفتاوى: أن يدخل بالموت، فإنه السَّبب المحوج إلى الصلاة، فإن قدم التيمم لهذه النوافل على أوقاتها فالمشهور أنه لا يصح كما في الفرائض؛ لأنه مستغن عن التيمم لها قبل وقتها، وحكى إمام الحرمين فيه وجهين، والفرق أنَّ أَمَرَ النَّوَافِلِ أوسع، ولهذا جاز أداء نوافل كثيرة بتيمم واحد، فصاحب الكتاب ذكر هذا الخلاف في الرَّوَاتب، وهو غير مخصوص بها، وإن تيمَّم لهذه النوافل في أوقاتها جاز له أن يصلِّي النَّافلة التي تيمم لها، وغيرها، وهَلْ تَجُوزُ الفريضة؟ يبنى على القولين اللذين قدمناهما في أنه إذا تيمَّم للنافلة هل يصلِّي به الفريضة؟. إن قلنا: لا، فلا يجوز، وإن قلنا: نعم، فله ذلك، إن تيمّم للنافلة في وقت تلك الفريضة، ولو تيمم لنافلة ضحوة، ثم دخل وقت الظهر فهل له أن يصلي الظهر به على هذا القول.
فيه الوجهان المذكوران، فيما إذا تيمم لفائتة قبل الزوال، هل يصلي الظهر به.
وقوله:"فيه هذا الخلاف" يعني الوجهين المذكورين دون الطريقين، وإن كان مذكوراً بعد مسألة الطَّريقين، وما ذكرنا من المسائل فيما إذا تيمم للنافلة وحدها، مبني على ظاهر المذهب، وهو أن التيمم لمجرد النافلة صحيح، وفيه وجه قدمناه، وأما غير المؤقتة من النوافل فيتيمم لها متى شاء، إلا في أوقات الكراهية في أظهر الوجهين (١) وأعلم أن الشَّرْح قد يقتضي تغيير مسائل الكتاب عن نَظْمِهَا، وترتيبها وهذا الفصل من ذاك.
(١) قال النووي: ولو تيمم لنافلة لا سبب لها قبل وقت الكراهة، لم تبطل بدخول وقت الكراهة، بل يستبيحها بعده بلا خلاف، ولو أخذ التراب قبل وقت الفريضة، ثم مسح الوجه في الوقت، لم يصح، لأن أخذ التراب من واجبات التّيمم، فلا يصح قبل الوقت، ولو تيمم شاكاً في الوقت، وصادفه لم يصح، وكذا لو طلب شاكاً في دخول الوقت، لم يصح الطلب -والله أعلم- الروضة (١/ ٢٣٣).